عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٦
وغيره: هي الأنف. وقال الأزهري: روى سلمة عن الفراء أنه يقال: نثر الرجل وانتثر واستنثر: إذا حرك النثرة في الطهار. وقال ابن الأثير: نثر ينثر، بالكسر، إذا امتخط، واستنثر: استفعل منه، اي: استنشق الماء ثم استخرج ما في الأنف فينثره، وقيل: هي من تحريك النثرة، وهي طرف الأنف قلت: الصواب ما قاله ابن الأعرابي أن المراد من قوله: (واستنثر) الاستنشاق وقال النووي: الصواب هو الأول. وقوله يدل عليه. الرواية الأخرى: (استنشق واستنثر)، لا يدل على ما ادعاه، لأن المراد من الاستنثار في هذه الرواية الامتخاط، وهو أن يمتخط بعد الاستنشاق. وقال ابن سيده: استنثر إذا استنشق الماء من ثم استخرج ذلك بنفس الأنف، والنثرة الخيشوم وما والاه، وتنشق واستنشق الماء في انفه: صبه فيه. وقال الجوهري: الانتثار والاستنثار بمعنى، وهو: نثر ما في الأنف بالنفس. وقال ابن طريق: نثر الماء من أنفه دفعه. وفي (جامع) القزاز: نثرت الشيء أنثره وانثره نثرا: إذا بددته، وأنت ناثر، والشيء منثور. قال: والمتوضىء يستنشق إذا جذب الماء بريح أنفه، ثم يستنثره. وفي (الغريبين): يستنشق اي: يبلغ الماء خياشيمه، ويقال: نثر وانتثر واستنثر: إذا حرك النثرة، وهي طرف الأنف. قوله: (وجهه) الوجه ما يواجه الإنسان وهو من قصاص السعر إلى أسفل الذقن طولا ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضا قوله: (ثم مسح برأسه)، الرأس مشتمل على الناصية والقفا والفودين، وذكر ابن جني: أن الجمع أرؤس واءرس على القلب، ورؤس. وقال ابن السكيت: وروس على الحذف، وأنشد:
* فيوما إلى أهلي ويوما إليكم * ويوما أحط الخيل من روس الجبال * ورجل أراسي ورواسي: عظيم الرأس. وقال الأصمعي: رواس كذلك. وقال ابن سيده في (المخصص): وإذا قيل: رأس، فتخفيفه قياس ثابت. يقال: لرأس الانسان قلة، والجمع قلل وقلال. وقال أبو حاتم وهي القنة، والجمع: قنن، والعلاوة وهي: حكمة الإنسان وقادمه وملطاطه وهامته. قوله: (غفر له): الغفر والغفران: الستر، ومنه: المغفر لأنه يغفر الرأس أي: يستره. وقال ابن الأثير: أصل الغفر: التغطية، والمغفرة: إلباس الله الغفر للمذنبين.
بيان الإعراب قوله: (أخبره)، جملة في محل الرفع لأنه خبر: أن. قوله: (أن حمران)، أصله: بأن حمران. قوله: (مولى عثمان) في محل النصب لأنه صفة: لحمران، وهو منصوب لأنه اسم: أن، ومنع من الصرف للعلمية والألف والنون الزائدتين. قوله: (انه رأى عثمان) أصله: بأنه. قوله: (دعا بإناء) جملة وقعت حالا بتقدير: قد، كما في؛ قوله تعالى: * (أو جاؤكم حصرت صدورهم) * (النساء: 90) ولفظه: رأى، بمعنى: أبصر، فلذلك اكتفى بمفعول واحد وهو: عثمان. قوله: (فأفرغ) الفاء فيه فاء التفسير. قوله: (ثلاث مرار) كلام إضافي منصوب على أنه صفة المصدر محذوف أي: إفراغا ثلاث مرات. قوله: (فمضمض) الفاء فيه فاء فصيحة، وتقديره: فأخذ الماء منه وأدخله في فيه فمضمض. قوله: (ثلاثا) نصب على أنه صفة لمصدر محذوف اي: غسلا ثلاث مرات. قوله: (ويديه) عطف على قوله: (وجهه)، والتقدير: وغسل يديه. قوله: (من توضأ) كلمة: من، موصولة معنى الشرط، في محل الرفع على الابتداء. وقوله: (توضأ) جملة وقعت صلة للموصول. قوله: (نحو وضوئى) كلام إضافي منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره: من توضأ وضوا نحو وضوئي. قوله: (ثم صلى) عطف على: توضأ قوله: (لا يحدث فيهما نفسه) جملة نافية في محل النصب على أنها صفة: لركعتي. قوله: (غفر له)، جملة في محل الرفع على الخبرية. قوله: (ما تقدم) في محل الرفع لأنه مفعول ناب عن الفاعل، وكلمة: من، في قوله: (من ذنبه)، للبيان.
بيان المعاني قوله: (دعا بإناء) أي: بظرف فيه الماء للوضوء، وفي رواية شعيب الآتية قريبا: (دعا بوضوء) بفتح الواو وهو اسم للماء المعد للتوضيء، وكذا وقع في رواية مسلم من طريق يونس. قوله: (ثلاث مرات) وفي بعض النسخ: (ثلاث مرات). قوله: (فمضمض واستنثر) وفي رواية الكشميهني: (واستنشق) بدل قوله: (واستنثر) وثبتت الثلاثة في رواية شعيب الآتية في باب المضمضة وليس في طرق هذا الحديث تقييد المضمضة والاستنشاق بعدد غير طريق يونس عن الزهري، فيما ذكره ابن المنذر، وكذا فيما ذكره أبو داود من وجهين آخرين عن عثمان، رضي الله تعالى عنه، فإن في أحدهما: (فتمضمض ثلاثا واستنثر ثلاثا). وفي الآخر: (ثم تمضمض واستنشق ثلاثا). قوله: (ثم غسل وجهه) عطف بكلمة: ثم، لأنها تقتضي الترتيب والمهلة. فان قلت: ما الحكمة في تأخير غسل الوجه عن المضمضة والاستنشاق؟ قلت: ذكروا أن حكمة ذكل اعتبار أوصاف الماء، لأن اللون يدرك بالبصر، والطعم يدرك بالفم، والريح يدرك بالأنف، فقدم الأقوى منها وهو الطعم ثم الريح
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»