عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٥
دعا باناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار (ثم) مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه.
مطابقة الحدي للترجمة ظاهرة، فإن فيه غسل الأعضاء المغسوله كلها ثلاث مرات.
بيان رجاله وهم ستة: الأول: عبد العزيز الأويسي، بضم الهمزة، وقد مر في باب الحرص على الحديث في كتاب العلم. الثاني: إبراهيم بن سعد، سبط عبد الرحمن ابن عوف وقد مر في باب تفاضل أهل الإيمان. الثالث: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وقد تكرر ذكره. الرابع: عطاه ابن يزيد التابعي، وقد تقدم في باب: وقد تقدم في باب: لا يستقبل القبلة بغائط. الخامس: حمران، بضم الحاء المهلمة وسكون الميم وبالراء: ابن أبان، بفتح الهمزة والياء الموحدة المخففة: ابن خالد بن عمرو، من سبي عين التمر، سباه خالد بن الوليد، رضي الله تعالى عنه، فوجده غلاما كيسا، فوجهه إلى عثمان، رضي الله عنه، وأعتقه، وكان كاتبه وحاجبه، وولي نيسابور من الحجاج، ذكره البخاري في (ضعفائه)، وإحتج به في (صحيحه)، وكذا مسلم والأربعة. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، لم أرهم يحتجون بحديثه، مات سنة خمس وسبعين أغرمه الحجاج مائة ألف لأجل الولاية السابقة: ثم، رد عليه ذلك بشفاعة عبد الملك. السادس: أمير المؤمنين عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أمه أروى بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أصغر من النبي، عليه الصلاة والسلام، ويسمى بذي النوري لأنه تزوج بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية فماتت عنده، ثم أم كلثوم، روي له عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مائة حديث وسته وأربعون حديثا، أخرج البخاري منها أحذد عشر. استخلف أول يوم من المحرم سنة أربع وعشرين، وقتل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، قتله الأسود التحبيبي، بضم التاء المثناة من فوق وكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف وبالياء الموحدة. ودفن ليلة السبت بالبقيع، وعمره اثنان وثمانون سنة، وصلى عليه حكيم بن حزام، وكثرت الأموال في خلافته حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف، ونخلة بألف درهم، وليس في الصحابة من اسمه عثمان بن عفان غيره.
بيان لطائف اسناده منها: أن فيه التحديث بصيغة الجمع وصيغة الإفراد، والإخبار بصيغة الإفراد والعنعنة. ومنها: أن رواته كلهم مدنيون. ومنها: أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: ابن شهاب وعطاء وحمران.
بيان تعدد موضعه ومن اخرجه غيره أخرجه البخاري في الطهارة عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري به، وأخرجه ايضا في الصوم عن عبدان عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري به. وأخرجه مسلم في الطهارة عن أبي الطاهر ابن السرح وحرملة بن يحيى، كلاهما عن ابن وهب عن يونس، وعن زهير بن حرب عن يعقوب بن إبراهيم بن سلامة عن أبيه، ثلاثتهم عن الزهري به، وأخرجه أبو داود فيه ععن الحسن بن علي عن عبد الرزاق عن معمر به. وأخرجه النسائي فيه عن ابن مسكين وأحمد بن عمرو بن السرح كلاهما عن ابن وهب به، وعن سويد بن نصر عن ابن المبارك به، وعن أحمد بن المغيرة عن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.
بيان اللغات قوله: (فأفرغ على يديه) من أفرغت الإناء إفراغا، وفرغته تفريغا إذا قلبت ما فيه، والمعنى ههنا: صب على يديه. يقال: فرغ الماء، بالكسر، إذا انصب. وأفرغته أنا أي: صببته، وتفريغ الظروف: إخلاؤها. قوله: (فمضمض) المضمضة تحريك الماء في الفم. وقال النووي: حقيقة المضمضمة وكما لها أن يجعل الماء في فمه، ثم يديره فيه، ثم يمجه. وقال الزندوستي، من أصحابنا: أن يدخل إصبعه في فمه وأنفه، والمبالغة فيهما سنة، وقال الصدر الشهيد: المبالغة في المضمضة الغرغرة، وقد مضي تحقيق الكلام فيها فيما مضى. قوله: (واستنثر) قال جمهور أهل اللغة والفقهاء والمحدثون: الاستنثار إخراج الماء من الأنف بعد الإستنشاق، وقال ابن الأعرابي وابن قتيبة: الاستنثار هو الاستنشاق. وقال النووي: الصواب هو الأول، ويدل عليه الرواية الأخرى (استنشق واستنثر)، فجمع بينهما. وقال أهل اللغة: هو مأخوذ من النثرة، وهي طرف الأنف. وقال الخطابي
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»