عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ١٥٢
أبي قلابة عن أنس قصة العرنيين مجردة، وسمع من أبي رجاء عن أبي قلابة حديثه مع عمر بن عبد العزيز في القسامة، وفي آخرها قصة العرنيين، فحفظ عنه حماد بن زيد القصتين عن أبي رجاء عن أبي قلابة، وحفظ الآخرون عن أبي قلابة عن أنس قصة العرنيين حسب.
بيان لغاته قوله: (من عكل) بضم العين المهملة وسكون الكاف، وفي آخره لام: وعكل خمس قبائل، وذلك أن عوف بن عبد مناف ولد قيسا، فولد قيس وائلا وعوانة، فولد وائل عوفا وثعلبة، فولد عوف بن وائل الحارث وجشما وسعدا وعليا وقيسا، وأمهم بنت ذي اللحية، لأنه كان مطائلا لحيته، فحضنتهم أمة سوداء يقال لها: عكل، كذا قاله الكلبي وغيره، ويقال: عكل امرأة حضنت ولد عوف بن إياس بن قيس بن عوف بن عبد مناة ابن اد بن طابخة. وزعم السمعاني: أنهم بطن من غنم، ورد ذلك عليه أبو الحسن الجزري بأن عكل امرأة من حمير يقال لها: بنت ذي اللحية، تزوجها عوف بن قيس بن وائل بن عوف بن عبد مناة بن اد، فولدت له سعدا وجشما وعليا، ثم هلكت الحميرية، فحضنت عكل ولدها وهم من جملة الرباب، تحالفوا على بني تميم. قوله: (أو عرينة)، بضم العين وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون، وعرينة بن نذير بن قيس بن عبقر بن أنمار بن الغوث بن طي بن أدد، وزعم اليشكري أن عرينة بن عزيز بن نذير. قوله: (فاجتووا المدينة) أي: أصابهم الجوى، بالجيم: وهو داء الجوف إذا تطاول، ويقال الاجتواء كراهية المقام. يقال: اجتويت البلد: إذا كرهتها وإن كانت موافقة لك في بدنك، واستوبلتها إذا لم توافقك في بدنك وإن أحببتها. قوله: (بلقاح) بكسر اللام، وهي: الإبل، الواحدة: لقوح، وهي الحلوب مثل: قلوص وقلاص، قال أبو عمرو: إذا أنتجت فهي لقوح شهرين أو ثلاثة، ثم هي لبون بعد ذلك. قوله: (فاستاقوا النعم): استاقوا، من الاستياق، وهو السوق. و: النعم، بفتحتين: واحد الأنعام، وهي المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل. قوله: (في آثارهم) الآثار جمع: اثر، بكسر الهمزة وسكون الثاء المثلثة، يقال: خرجت في أثره إذا خرجت وراءه. قوله: (وسمرت)، بضم السين وتخفيف الميم وتشديدها، ومعنى سمرت أعينهم: كحلت بمسامير محماة. وفي رواية: سملت، باللام موضع الراء، يقال: سلمت عينه، بصيغة المجهول ثلاثيا، إذا فقئت بحديدة محماة. وقيل: هما بمعنى واحد. قوله: (في الحرة)، بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء: وهي الأرض ذات الحجارة السود، ويجمع على: حر وحرار وحرات وحرين وأحرين، وهو من الجموع النادرة: كثبين وقلين، في جمع: ثبة وقلة. والمراد من الحرة هذه: حرة بظاهر مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، بها حجارة سود كثيرة، وكانت بها الوقعة المشهورة أيام يزيد بن معاوية. قوله: (يستسقون) من الاستسقاء، وهي طلب السقي وطلب السقياء أيضا، وهو المطر.
بيان إعرابه قوله: (فاجتووا المدينة): الفاء، فيه للعطف. قوله: (وان يشربوا) عطف على: لقاح، وكلمة: ان، مصدرية، والتقدير: فأمرهم بالشرب من ألبانها. قوله: (قتلوا) جواب: لما، قوله: (فبعث) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومفعوله محذوف أي: الطلب، كما جاء في رواية الأوزاعي. قوله: (فقطع أيديهم إسناد الفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مجاز، والدليل عليه ما جاء في رواية أخرى: (فأمر بقطع أيديهم). والأيدي جمع: يد، فإما أن يراد بها أقل الجمع الذي هو اثنان عند بعض العلماء، لأن لكل منهم يدين، وإما أن يراد التوزيع. قوله: (وألقوا)، بصيغة المجهول من: الإلقاء. قوله: (يستسقون) جملة وقعت حالا.
بيان المعاني قوله: (قدم أناس) أي: على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بلقاح أي: فأمرهم أن يلحقوا بها. قوله: (فلما صحوا) فيه حذف تقديره: فشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا، قوله: (فلما ارتفع النهار) فيه حذف أيضا تقديره: فأدركوا في ذلك اليوم فأخذوا، فلما ارتفع جيء بهم، أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم أسارى. قوله: (ولا يسقون)، بضم الياء وفتح القاف.
بيان اختلاف ألفاظه قوله: (عن أنس) زاد الأصيلي: ابن مالك قوله: (قدم أناس) بالهمزة المضمومة عند الأكثرين، وعند الأصيلي والكشميهني والسرخسي: (ناس)، بلا همزة، وفي رواية البخاري في الديات من طريق أبي رجاء عن أبي قلابة: (قدم أناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم). وقوله: (من عكل أو عرينة) الشك فيه من حماد، قاله بعضهم. وقال الكرماني: ولفظ: أو، ترديد من أنس، رضي الله تعالى عنه. وقال الداودي: هو شك من الراوي، والذي قال: إنه حماد لا يدري أي شيء وجه تعيينة بذلك، وللبخاري في المحاربين: عن قتيبة عن حماد: (أن رهطا من عكل، أو قال: من عرينة). وله في الجهاد: عن وهيب
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»