ولا يقنع بما عنده كما لم يكتف موسى صلى الله عليه وسلم بعلمه * الرابع فيه وجوب التواضع لن الله تعالى عاتب موسى عليه السلام حين لم يرد العلم إليه وأراد من هو أعلم منه قلت يعني في علم مخصوص * الخامس فيه حمل الزاد وأعداده للسفر بخلاف قول الصوفية * السادس قول النووي فيه أنه لا بأس على العالم والفاضل أن يخدمه المفضول ويقضى له حاجته ولا يكون هذا من أخذ العوض على تعليم العلم والآداب بل من مروآت الأصحاب وحسن المعاشرة ودليله اتيان فتاه غداءهما * السابع فيه الرحلة والسفر لطلب العلم برا وبحرا * الثامن فيه قبول خبر الواحد الصدوق والله أعلم بالصواب *.
17 ((باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم علمه الكتاب)) أي: هذا باب في قول النبي، عليه الصلاة والسلام، هذا لفظ الحديث، وضعه ترجمة على صورة التعليق، ثم ذكره مسندا، وهل يقال لمثله مرسل أم لا؟ فيه خلاف. فإن قلت: ما أراد من وضع هذا ترجمة؟ قلت: أشار به إلى أن هذا لا يختص جوازه بابن عباس، رضي الله عنهما. فإن قلت: ما وجه المناسبة بين البابين؟ قلت: من حيث إن من جملة المذكور في الباب الأول غلبة ابن عباس على حر بن قيس في تماريهما في صاحب موسى، عليه السلام، وذاك من كثرة علمه وغزارة فضله، وفي هذا الباب إشارة إلى أن علمه الغزير وفضيلته الكاملة ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال له: (اللهم علمه الكتاب). ووجه آخر: أن في الباب الأول بيان استفادة موسى، عليه الصلاة والسلام، من الخضر من العلم الذي لم يكن عنده من ذلك شيء، وفي هذا الباب بيان استفادة ابن عباس علم الكتاب من النبي صلى الله عليه وسلم.
75 حدثناأبو معمر قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (اللهم علمه الكتاب).
.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، بل هو عين الترجمة.
بيان رجاله: وهم خمسة: الأول: أبو معمر، بفتح الميمين: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ميسرة، البصري المقعد، بضم الميم وفتح العين، المنقري الحافظ الحجة، سمع عبد الوارث الدراوردي وغيرهما، روى عنه أبو حاتم الرازي والبخاري، وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن رجل عنه. قال يحيى بن معين: هو ثقة عاقل، وفي رواية: ثبت، وكان يقول بالقدر، توفي سنة تسع وعشرين ومائتين. الثاني: عبد الوارث بن سعيد ابن ذكوان التميمي العنبري أبو عبيدة البصري، روى عن أيوب السختياني وغيره، قال ابن سعد: كان ثقة حجة. توفي بالبصرة في المحرم سنة ثمانين ومائة، روى له الجماعة. الثالث: خالد بن مهران الحذاء، أبو المنازل، بضم الميم، كذا ذكره أبو الحسن، وقال عبد الغني: ما كان من منازل فهو بضم الميم إلا يوسف بن منازل فإنه بفتح الميم. قال الباجي: قرأت على الشيخ أبي ذر، يعني الهروي، في كتاب (الأسماء والكنى) لمسلم: خالد بن مهران أبو المنازل، بفتح الميم، وكذا ذكره في سائر الباب، والضم أظهر. وقال محمد ابن سعد: هو مولى لأبي عبد الله عامر بن كريز القرشي، ولم يكن بحذاء إنما كان يجلس إليهم. يقال إنه ما حذا نعلا قط، وإنما كان يجلس إلى صديق له حذاء. وقيل: إنه كان يقول: أخذوا علي هذا النحو، فلقب به. تابعي، رأى أنس بن مالك، قال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال يحيى وأحمد: ثقة، توفي سنة إحدى وأربعين ومائة، روى له الجماعة. الرابع: عكرمة مولى عبد الله بن عباس، أبو عبد الله المدني. أصله من البربر من أهل المغرب، سمع مولاه وعبد الله بن عمر وخلقا من الصحابة، وكان من العلماء في زمانه بالعلم والقرآن، وعنه أيوب وخالد الحذاء وخلق، وتكلم فيه برأيه، رأي الخوارج، وأطلق نافع وغيره عليه الكذب، وروى له مسلم مقرونا بطاوس وسعيد بن جبير، واعتمده البخاري في أكثر ما يصح عنه من الروايات، وربما عيب عليه إخراج حديثه، ومات ابن عباس وعكرمة مملوك فباعه علي ابنه من خالد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فقال له عكرمة: بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار؟ فاستقاله فأقاله وأعتقه. وكان جوالا في البلاد، ومات بالمدينة سنة خمس، أو ست، أو سبع ومائة، ومات معه في ذلك اليوم كثير الشاعر، فقيل: مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس. وقيل: مات عكرمة سنة خمس عشرة ومائة، وقد بلغ ثمانين. واجتمع حفاظ ابن عباس على عكرمة، فيهم عطاء وطاوس