عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٢
العرب فلما طلبه الحجاج هرب منه إلى اليمن فخرج ذات يوم فإذا هو براكب ينشد قول أمية بن الصلت * ربما تكره النفوس من الأمر * له فرجة كحل العقال * قال فقلت له ما الخبر قال مات الحجاج قال أبو عمرو فلا أدري بأي الأمرين كان فرحي أكثر بموت الحجاج أو بقوله فرجة لأنه شاهد لقراءته أي كما أن مفتوح الفرجة هنا بمعنى المنفرج كذا مفتوح الغرفة بمعنى المغروف فقراءة الضم والفتح يتطابقان فإن قلت ما المراد من هذه الترجمة قلت التنبيه على عدم اشتراط الاغتراف باليدين جميعا فإن ابن عباس رضي الله عنهما لما توضأ كوضوء النبي صلى الله عليه وسلم أخذ غرفة من الماء بيده الواحدة ثم ضم إليها يده الأخرى ثم غسل بتلك الغرفة وجهه على ما يأتي الآن إن شاء الله تعالى فإن قلت ما وجه المناسبة بين البابين قلت المناسبة بين البابين المذكورين وبين أكثر أبواب كتاب الوضوء غير ظاهرة ولذلك قال الكرماني فإن قلت ما وجه الترتيب لهذه الأبواب وأشار به إلى الأبواب المذكورة ههنا ثم قال في باب التسمية إذ التسمية إنما هي قبل غسل الوجه لا بعده ثم إن توسط أمر الخلاء بين أبواب الوضوء لا يناسب ما عليه الوجوه ثم أجاب عن ذلك بقوله قلت البخاري لا يراعي حسن الترتيب وجملة قصده إنما هو في نقل الحديث وما يتعلق بتصحيحه لا غير ونعم المقصد انتهى قلت لا نسلم أن جملة قصده نقل الحديث وما يتعلق بتصحيحه فقط بل معظم قصده ذلك مع سرده في أبواب مخصوصة ولهذا بوب الأبواب على تراجم معينة حتى وقع منه تكرار كثير لأجل ذلك فإذا كان الأمر كذلك ينبغي أن تتطلب وجوه المناسبات بين الأبواب وإن كانت غير ظاهرة بحسب الظاهر فنقول وجه المناسبة بين البابين المذكورين من حيث أن من جملة المذكور في الباب الأول بعض وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا الباب المذكور أيضا وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فإن ابن عباس رضي الله عنهما لما توضأ على الوجه المذكور في الباب قال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فهذا المقدار من الوجه كاف على أن المناسبة العامة موجودة بين الأبواب كلها لكونها من واد واحد ثم توجيه المناسبات الخاصة إنما يكون بقدر الإدراك.
6 - (حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال أخبرنا أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة قال أخبرنا ابن بلال يعني سليمان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه توضأ فغسل وجهه أخذ غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى ثم مسح برأسه ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله يعني اليسرى ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ).
مطابقة الحديث للترجمة في قوله ثم أخذ غرفة فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه.
(بيان رجاله) وهم ستة * الأول محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير أبو يحيى البغدادي المعروف بصاعقة لقب بذلك لسرعة حفظه وشدة ضبطه روى عن يزيد بن هارون وروح وطبقتهما وعنه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو حامد والمحاملي وآخرون وكان بزازا مات سنة خمس وخمسين ومائتين * الثاني أبو سلمة بفتح السين المهملة منصور بن سلمة الخزاعي البغدادي الحافظ روى عن مالك وغيره وعنه الصغاني وغيره خرج إلى الثغر فمات بالمصيصة سنة عشرين ومائتين وقيل ستة عشر وقيل سنة سبع أو تسع ومائتين * الثالث سليمان بن بلال أبو محمد المدني وقد مر في باب أمور الإيمان * الرابع زيد بن أسلم وقد مر * الخامس عطاء بن يسار وقد مر * السادس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(بيان لطائف إسناده) منها أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة. ومنها أن فيه رواية تابعي عن تابعي يزيد عن عطاء ومنها أن رواته ما بين بغدادي ومدني. ومنها ان فيه تفسير البعض الرواة المجمل وهو قوله يعني سليمان وهو يحتمل أن
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»