عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٣
يكون كلام البخاري ويحتمل أن يكون كلام شيخه محمد بن عبد الرحيم وهذا الحديث مما شاهده ابن عباس رضي الله عنهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي معدودة قال الداودي الذي صح مما سمع من النبي عليه الصلاة والسلام اثنا عشر حديثا وحكى غيره عن غندر عشرة أحاديث وعن يحيى القطان وأبي داود تسعة ووقع في المستصفى للغزالي أن ابن عباس مع كثرة روايته قيل أنه لم يسمع من النبي عليه الصلاة والسلام إلا أربعة أحاديث لصغر سنه وصرح بذلك في حديث إنما الربا في النسيئة وقال حدثني به أسامة بن زيد ولما روى حديث قطع التلبية حين رمى جمرة العقبة قال حدثني به أخي الفضل.
(بيان من أخرجه غيره) أخرجه أبو داود أيضا في الطهارة عن عثمان بن أبي شيبة عن محمد بن بشر عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال قال لنا ابن عباس أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فدعى بإناء فيه ماء فاغترف غرفة وذكر الحديث نحوه بطوله وأخرجه النسائي فيه عن الهيثم بن أيوب الطلقاني وقتيبة بن سعيد كلاهما عن عبد العزيز بن الدراوردي وعن مجاهد بن موسى عن عبد الله بن إدريس عن أبي عجلان كلاهما عن زيد بن أسلم نحوه وحديث ابن عجلان أتم وعن هناد بن السري عن ابن إدريس ببعضه فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وأخرجه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن إدريس بمثل حديث هناد وعن عبد الله بن الجراح وأبي بكر بن خلاد كلاهما عن الدراوردي ببعضه مضمض واستنشق من غرفة واحدة وهذا الحديث انفرد به البخاري عن مسلم ولم يخرج مسلم عن ابن عباس في صفة الوضوء شيئا.
(بيان اللغات) قوله فتمضمض من المضمضة وهي تحريك الماء في الفم وقال ابن سيده مضمض وتمضمض وكماله أن يجعل الماء في فيه ثم يديره ويمجه وأقله أن يجعل الماء في فيه ولا يشترط إدارته على مشهور مذهب الشافعي وقال جماعة من أصحابه يشترط وأصل المضمضة التحريك ومنه مضمض النعاس في عينيه إذا تحرك واستعمل في المضمضة لتحريك الماء في الفم قوله واستنشق من الاستنشاق وهو إدخال الماء في الأنف وقال ابن طريف نثر الماء من أنفه دفعة وقال ابن سيده استنشق الماء في أنفه صبه في أنفه وقال في الغريين يستنشق أي يبلغ الماء خياشيمه وذكر ابن الأعرابي وابن قتيبة الاستنشاق والاستنثار واحد وقال ابن سيده يقال استنثر إذا استنشق الماء في أنفه وصبه منه وفي جامع القزاز نثرت الشيء أنثره وأنثره نثرا إذا بددته فأنت ناثر والشيء منثور والمتوضىء يستنشق إذا جذب الماء بريح أنفه ثم يستنثره وفي العباب استنشقت الماء وغيره إذا أدخلته في الأنف واستنشقت الريح إذا شممتها والتركيب يدل على نشوب شيء في شيء والمنشق الأنف ونشقت منه ريحا طيبة بالكسر أي شممت وهذه ريح مكروهة النشق أي الشم وقال رؤبة الراجز يصف حمارا وحشيا * كأنه مستنشق من الشرق * حرا من الخردل مكروه النشق * (بيان الإعراب) قوله فغسل وجهه عطف على قوله توضأ وهو من قبيل عطف مفصل على مجمل كما في قوله تعالى * (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) * وقوله * (فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة) * وقد علم أن الفاء العاطفة تفيد ثلاثة أمور * أحدها الترتيب وهو نوعان معنوي كما في قام زيد فعمر وذكرى وهو عطف مفصل على مجمل * الثاني التعقيب وهو في كل شيء بحسبه * الثالث السببية قوله أخذ غرفة بدون حرف العطف وإنما ترك لأنه بيان لقوله غسل على وجه الاستئناف فإن قلت كيف يكون بيانا والمضمضة والاستنشاق ليستا من غسل الوجه قلت أعطي لهما حكم الوجه قوله ثم أخذ غرفة إنما عطف بثم لوجود المهلة بين الغرفتين وقد علم أن ثم حرف عطف يقتضي ثلاثة أمور التشريك في الحكم والترتيب والمهلة قوله أضافها بدون حرف العطف لأنه بيان لقوله جعل بها هكذا قوله ثم أخذ غرفة عطف على ثم أخذ غرفة المذكور أولا قوله من ماء كلمة من للبيان مع إفادة التبعيض قوله حتى غسلها أي إلى أن غسلها وكلمة حتى للغاية قوله يتوضأ جملة في محل النصب على الحال.
(بيان المعاني) قوله عن ابن عباس أنه توضأ زاد أبو داود في أوله أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله عليه
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»