أحمد بن خالد أعجب من مالك أخذ في هذا بحديث ابن مسعود ولم يروه وترك ما روى وقال سعيد بن جبير والثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بأذان واحد وإقامة واحدة لهما وهو المروى عن جابر وعبد الله بن عمر وأبي أيوب الأنصاري قلت لم يذكر في الحديث المذكور الأذان والصحيح عند الشافعية أنه يؤذن للأولى وبه قال أحمد وأبو ثور وعبد الملك بن الماجشون المالكي وهو مذهب الطحاوي وللشافعي وأحمد قول أنه يصلي كل واحدة بإقامة بلا أذان وهو محكي عن القاسم بن محمد وسالم وعن كل واحد من مالك والشافعي وأحمد أنه يصلي بأذانين. الرابع فيه تنبيه المفضول الفاضل إذا خاف عليه النسيان لما كان فيه من الشغل لقول أسامة الصلاة يا رسول الله. الخامس في قوله فتوضأ فأسبغ الوضوء إن الوضوء عبادة وإن لم يصل به يعني بالأول نبه عليه الخطابي وقد قالت جماعة من توضأ ثم أراد أن يجدد وضوءه قبل أن يصلي ليس له ذلك لأنه لم يوقع به عبادة ويكون كمن زاد على ثلاث في وضوء واحد وهذا هو الأصح عند الشافعية قالوا ولا يسن تجديده إلا إذا صلى بالأولى صلاة فرضا كانت أو نفلا قلت استدلال الخطابي بالحديث المذكور على ما ادعاه غير تام لا يخفى ذلك. السادس فيه أنهم صلوا قبل حط رحالهم وقد جاء مصرحا به في رواية أخرى في الصحيح وعن مالك يبدأ بالصلاة قبل حط الرواحل وقال أشهب له أن يحط رحله قبل أن يصلي وبعد المغرب أحب إلى ما لم تكن دابته معقلة ولا يتعشى قبل المغرب وأن خفف عشاءه ولا يتعشى بعدها وإن كان عشاؤه خفيفا وإن طال فبعد العشاء أحب إلي. السابع فيه ترك النافلة في السفر كذا استنبطه المهلب من قوله ولم يصل بينهما وكذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما لو كنت مسبحا لأتممت وقال غيره لا دلالة فيه لأن الوقت بين الصلاتين لا يتسع لذلك ألا ترى أن بعضها قال لا يحطون رواحلهم تلك الليلة حتى يجمعوا ومنهم من قال يحط بعد الأولى مع ما في ترك الرواحل ما وقى ما نهى عنه ولم يتابع ابن عمر رضي الله عنهما على قوله والفقهاء متفقون على اختيار التنفل في السفر وقال ابن بطال وقد تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم راجلا وراكبا. الثامن استدل به القرطبي على جواز التنفل بين صلاتي الجمع قال وهو قول ابن وهب قال وخالفه بقية أصحابنا فمنعوه قلت الحديث نص على أنه لم يصل بينهما ولعله أخذه من إناخة البعير بينهما ومذهب الشافعية أنه جائز في جمع التأخير ممتنع في جمع التقديم ومذهب الحنفية المنع من التطوع بينهما لأنه يخل بالجمع ولو تطوع أو تشاغل بشيء أعاد الإقامة لوقوع الفصل نص عليه في الهداية. التاسع فيه الدفع من عرفة إلى مزدلفة راكبا. العاشر قال الداودي فيه الاستنجاء من البول لغير صلاة تنظفا وقطعا لمادته قلت كأنه حمل الوضوء الأول فيه على الاستنجاء وقد رددنا عليه ذلك. الحادي عشر فيه اشتراك وقت المغرب والعشاء في الجمع خاصة وكذا وقت الظهر والعصر في عرفة خاصة وليس ذلك في غيرهما فإن قلت ما السبب في جمع التأخير بمزدلفة قلت السفر عند الشافعية ولهذا لا يجمع المزدلفي والنسك عند الحنفية فلهذا يجمع المزدلفي والله أعلم. الثاني عشر استدل به الشافعية على أن الفوائت لا يؤذن لها لكن يقام قلت هذا الاستدلال غير تام لأن تأخير المغرب إلى العشاء ليس بقضاء وإنما هو أداء لأن وقته قد تحول إلى وقت العشاء لأجل العذر المرخص فكيف يصح القياس عليه فيما ذكره والله أعلم. الثالث عشر قال ابن بطال فيه أن يسير العمل إذا تخلل بين الصلاتين غير قاطع نظام الجمع بينهما لقوله ثم أناخ ولكنه لا يتكلم قلت ليس فيه ما يدل على عدم جواز التكلم بينهما ولا ما يدل على عدم قطع اليسير وعلى قطع الكثير بل يدل على عدم القطع مطلقا يسيرا أو كثيرا.
((باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة)) أي هذا باب في بيان غسل الوجه إلى آخره والغرفة بالفتح بمعنى المصدر وبالضم بمعنى المغروف وهي ملء الكف وقرأ أبو عمرو (إلا من اغترف غرفة) بفتحها وفي العباب غرفت الماء بيدي غرفا فالغرفة المرة الواحدة والغرفة بالضم اسم للمفعول منه لأنك ما لم تغرفه لا تسميه غرفة وقرأ ابن كثير وأبو جعفر ونافع وأبو عمرو إلا من اغترف غرفة بالفتح والباقون بالضم وجمع المضمومة غراف كنطفة ونطاف والغرفة بالضم أيضا العلية والجمع غرفات وغرف والغرفة أيضا الخصلة من الشعر والحبل المعقود بالشوطة أيضا انتهى ويحكي أن أبا عمرو وتطلب شاهدا على قراءته من أشعار