عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٥
ودعوا ما ينكرون أي ما يشتبه عليهم فهمه وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة ومثله قوله ابن مسعود رضي الله عنه ذكره مسلم في مقدمة كتابه بسند صحيح قال ما أنت بمحدث قوما حديثا لا يبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة قوله أتحبون الهمزة للاستفهام وتحبون بالخطاب قوله أن يكذب بصيغة المجهول وذلك لأن الشخص إذا سمع ما لا يفهمه وما لا يتصور إمكانه يعتقد استحالته جهلا فلا يصدق وجوده فإذا أسند إلى الله ورسوله يلزم تكذيبهما حدثنا عبيد الله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي بذلك أي حدثنا بالأثر المذكور عن علي عبيد الله بن موسى بن باذام عن معروف بن خربوذ بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء وضم الباء الموحدة وفي آخره ذال معجمة وقد روى بعضهم بضم الخاء المكي مولى قريش قال يحيى بن معين ضعيف وقال أبو حاتم يكتب حديثه وليس له في البخاري سواه وأخرج له مسلم حديثا في الحج وروى له أبو داود وابن ماجة وهو يروي عن أبي الطفيل بضم الطاء وفتح الفاء عامر بن واثلة وقيل عمرو بن واثلة بالثاء المثلثة ابن عبد الله بن عمرو بن جحش بن جرير بن سعد بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكناني الليثي ولد عام أحد كان يسكن الكوفة ثم انتقل إلى مكة وعن سعيد الجريري عن أبي الطفيل قال لا يحدثك أحد اليوم على وجه الأرض أنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام غيري وكان من أصحاب علي المحبين له وشهد معه مشاهده كلها وكان ثقة ثقة مأمونا يعترف بفضل أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وروى له عن رسول الله عليه الصلاة والسلام تسعة أحاديث وهو آخر من مات من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام على الإطلاق أخرج له البخاري هذا الأثر خاصة عن علي رضي الله عنه وأخرج له مسلم في الحج وصفة النبي عليه الصلاة والسلام وعن معاذ وعمر وابن عباس وحذيفة وغيرهم سكن الكوفة ثم أقام بمكة إلى أن مات بها سنة عشر ومائة وروى له أبو داود والنسائي وابن ماجة وقال ابن عبد البر في كتاب الكنى له كان من كبار التابعين وكان صاحب بلاغة وبيان شاعرا محسنا ثقة فاضلا بليغا عاقلا إلا أنه كان فيه تشيع وذكر ابن دريد في كتاب الاشتقاق الكبير عن عكراش بن ذؤيب قال لقي النبي صلى الله عليه وسلم وله حديث وشهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها فقال الأحنف كأنكم به وقد أتي به قتيلا وبه جراحة لا تفارقه حتى يموت فضرب يومئذ ضربة على أنفه فعاش بعدها مائة سنة وأثر الضربة به فعلى هذا تكون وفاته بعد سنة خمس وثلاثين ومائة ووقع في بعض النسخ حدثنا عبد الله هو ابن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه بذلك أي بالأثر المذكور وهذا الإسناد من عوالي البخاري لأنه ملحق بالثلاثيات من حيث أن الراوي الثالث منه صحابي وهو أبو الطفيل المذكور وعلى قول من يقول أنه تابعي ليس منها وقال الكرماني فإن قلت لم أخر الإسناد عن ذكر المتن قلت إما للفرق بين طريقة إسناد الحديث وإسناد الأثر وإما لأن المراد ذكر المتن داخلا تحت ترجمة الباب وأما لضعف في الإسناد بسبب ابن خربوذ وإما للتفنن وبيان جواز الأمرين بلا تفاوت في المقصود ولهذا وقع في بعض النسخ مقدما على المتن قلت وإما لأنه لم يظفر بالإسناد إلا بعد وضع الأثر معلقا وهذا أقرب من كل ما ذكره وأبعده جوابه الأول لعدم اطراده والأبعد من الكل جوابه الأخير على ما لا يخفى 67 - (حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا معاذ بن هاشم قال حدثني أبي عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل قال يا معاذ بن جبل قال لبيك يا رسول الله وسعديك قال يا معاذ قال لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا قال ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار قال يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا قال إذا يتكلوا وأخبر بها معاذ عند موته تأثما) مطابقة الحديث للترجمة من حيث المعنى وهو أنه صلى الله عليه وسلم خص معاذا بهذه البشارة العظيمة دون قوم آخرين مخافة أن يقصروا في العمل متكلين على هذه البشارة فإن قلت ترجمة الباب لتخصيص قوم وما في الحديث دل على تخصيص شخص واحد وهو معاذ قلت المقصود جواز التخصيص إما بشخص وإما بأكثر أما أمر اختلاف العبارة فسهل أو نقول
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»