عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٣
(بيان لطائف إسناده) ومنها أن فيه التحديث والعنعنة. ومنها أن رواته إلى الأسود كوفيون. ومنها أن فيه صحابيين والحديث دائر بينهما (بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) وأخرجه البخاري أيضا في الحج وفي التمني عن مسدد عن أبي الأحوص. ومسلم في الحج عن سعيد بن منصور عن أبي الأحوص وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبيد الله بن موسى عن شيبان كلاهما عن أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود عن عائشة. وأخرجه ابن ماجة في الحج عن أبي بكر بن أبي شيبة به. وأخرجه البخاري أيضا من حديث عروة وحديث عبد الله بن الزبير وفيه سمعت عائشة رضي الله عنها. وأخرجه مسلم أيضا فيما انفرد به أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت قال قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين يقول سمعتها تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر فإن قومك اقتصروا في البناء فقال الحارث بن عبد الله ابن أبي ربيعة لا تقل هذا يا أمير المؤمنين إني سمعتها تحدث بهذا قال لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على بناء ابن الزبير (بيان اللغات والإعراب) قوله تسر من الإسرار خلاف الإعلان فإن قلت قوله كانت للماضي وتسر للمضارع فكيف اجتمعا قلت تسر بمعنى أسررت وذكر بلفظ المضارع استحضارا لصورة الإسرار وهو جملة في محل النصب لأنها خبر كانت قوله كثيرا نصب على أنه صفة لمصدر محذوف اي إسرارا كثيرا قوله ما حدثتك كلمة ما استفهامية في محل الرفع على الابتداء وحدثتك جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير الذي فيه الراجع إلى عائشة والمفعول هو الكاف وهي أيضا في محل الرفع لأنها خبر المبتدأ قوله في الكعبة أي في شأن الكعبة واشتقاقها من الكعوب وهو النشوز وهي أيضا ناشرة من الأرض وقال الجوهري سميت بذلك لتربيعها يقال برد مكعب أي فيه وشى مربع قوله قلت قائلة الأسود وقوله قالت لي مقول القول قوله لولا قومك كلمة لولا ههنا لربط امتناع الثانية بوجود الأولى نحو لولا زيد لأكرمتك أي لولا زيد موجود لأكرمتك وقوله قومك كلام إضافي مبتدأ وقوله حديث عهدهم خبر المبتدأ فإن قلت قالت النحاة يجب كون خبر لولا كونا مطلقا محذوفا فما باله ههنا لم يحذف قلت إنما يجب الحذف إذا كان الخبر عاما وإما إذا كان خاصا فلا يجب حذفه قال الشاعر * ولولا الشعر بالعلماء يزري * لكنت اليوم أشعر من لبيد * وقوله حديث بالتنوين وعهدهم كلام إضافي مرفوع بإسناد حديث إليه لأن حديثا صفة مشبهة وهو أيضا يعمل عمل فعله وفي بعض النسخ لولا أن قومك بزيادة أن وليس بمشهور قوله قال ابن الزبير جملة من الفعل والفاعل قوله بكفر يتعلق بقوله حديث عهدهم ولكنه من كلام ابن الزبير قوله لنقضت الكعبة جواب لولا قوله فجعلت عطف على نقضت قوله باب يجوز فيه الوجهان أحدهما النصب على أنه بدل أو بيان لبابين وهو رواية أبي ذر في الموضعين والآخر رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدهما باب قوله يدخل الناس جملة وقعت صفة لباب وضمير المفعول محذوف تقديره يدخله الناس وفي بعض النسخ يدخل الناس منه فعلى هذا لا يقدر شيء وكذا يخرجون منه في بعض النسخ.
(بيان المعاني) قوله قال ابن الزبير وفي رواية الأصيلي فقال ابن الزبير بكفر أراد أنه أذكره ابن الزبير بقولها بكفر كأن الأسود نسي ذلك وأما ما بعدها وهو قوله لنقضت إلى آخره فيحتمل أن يكون مما نسي أيضا أو مما ذكر وقد رواه الترمذي من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود بتمامه إلا قوله بكفر فقال بدلها بجاهلية وكذا البخاري في الحج من طريق أخرى عن الأسود ورواه الإسماعيلي من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق ولفظه قلت حدثتني حديثا حفظت أوله ونسيت آخره ورجحها الإسماعيلي على رواية إسرائيل وعلى قوله يكون في رواية شعبة أدراج وقال الكرماني في قوله قال ابن الزبير فإن قلت هذا الكلام لا دخل له في البيان لصحة أن يقال لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت بل ذكره مخل لعدم انضباط الكلام معه قلت ليس مخلا إذ غرض الأسود إني كما وصلت إلى لفظ عهدهم فسر ابن الزبير الحداثة بالحداثة إلى الكفر فيكون لفظ بكفر فقط من كلام ابن الزبير والباقي
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»