قال عياض والخلاف مبني على أنه هل يتعلق الحكم بأول الاسم أو بآخره لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يغسل ذكره واسم الذكر يطلق على البعض وعلى الكل واختلف عن مالك أيضا هل يحتاج إلى النية أم لا وعن الزهري لا يغسل الأنثيين من المذي إلا أن يكون أصابهما شيء وفي المغنى لابن قدامة المذي ينقض الوضوء وهو ما يخرج لزجا متسبسبا عند الشهوة فيكون على رأس الذكر واختلفت الرواية في حكمه فروي أنه لا يوجب الاستنجاء والوضوء والرواية الثانية يجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء وقال أبو عمر المذي عند جميعهم يوجب الوضوء ما لم يكن خارجا عن علة باردة وزمانة فإن كان كذلك فهو أيضا كالبول عند جميعهم فإن كان سلسا لا ينقطع فحكمه حكم سلس البول عند جميعهم أيضا إلا أن طائفة توجب الوضوء على من كانت هذه حاله لكل صلاة قياسا على المستحاضة عندهم وطائفة تستحبه ولا توجبه وأما المذي المعهود والمتعارف وهو الخارج عند ملاعبة الرجل أهله لما يجري من اللذة أو لطول عزبة فعلى هذا المعنى خروج السؤال في حديث علي رضي الله تعالى عنه وعليه يقع الجواب وهو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه وإيجاب غسله لنجاسته * الثاني فيه جواز الاستنابة في الاستفتاء وأنه يجوز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع لأن عليا رضي الله تعالى عنه بعث من يسأل له مع القدرة على المشافهة قال بعضهم لعل عليا رضي الله تعالى عنه كان حاضرا وقت السؤال فلا دليل عليه لكن يضعف هذا قوله في بعض طرقه فأرسلنا المقداد وفي هذا إشارة إلى أنه لم يحضر مجلس السؤال قلت فيه نظر لأنه يجوز أن يكون قد حضره بعد إرساله المقداد وقال المازري لم يتبين في هذا الحديث كيف أمره أن يسأل ولا كيفية سؤال المقداد هل سأله سؤالا يخص المقداد أو يعمه وغيره فإن كان علي رضي الله عنه لم يسأل على أي وجه وقع السؤال ففيه دليل على أن عليا رضي الله عنه كان يرى أن القضايا تتعدى وقد اختلف أهل الأصول لأنه لو كان لا يتعدى لأمره أن يسميه إذ قد يجوز أن يبيح له ما لا يبيح لغيره لكنه قد جاء مبينا في الصحيح فسأله المقداد عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به فقال توضأ وانضح فرجك قلت قد جاء مبينا كلاهما أمر علي وسؤال المقداد أما الأول ففي الموطأ أن عليا رضي الله عنه أمر المقداد أن يسأل له رسول الله عليه الصلاة والسلامعن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه قال المقداد فسألته عن ذلك وجاء أيضا في النسائي ما يثبت الاحتمال المتقدم فقلت لرجل جالس إلى جنبي سله فقال فيه الوضوء * الثالث فيه استحباب حسن العشرة مع الأصهار وأن الزوج ينبغي أن لا يذكر ما يتعلق بالجماع والاستمتاع بحضرة أبوي المرأة وأختها وغيرهما من أقاربهما لأن المعنى أن المذي يكون غالبا عند ملاعبة الزوجة * الرابع احتج به أبو حنيفة والشافعي على وجوب الوضوء من المذي مطلقا سواء كان عند ملاعبة أو استنكاح أو غيره وقال أصحاب مالك المراد به ما كان عن ملاعبة واستدل عياض وغيره لذلك بما وقع في الموطأ في الحديث أنه قال في السؤال عن الرجل إذا دنا من أهله وأمذى ماذا عليه قال فجواب النبي صلى الله عليه وسلم في مثله في المعتاد بخلاف المستنكح والذي به علة فإنه لا وضوء عليه قالوا وإنما يتوضأ مما جرت العادة به أن يخرج من لذة وقال القاضي عبد الوهاب مؤيدا لمذهبهم السؤال صدر عن المذي الخارج على وجه اللذة لقوله إذا دنا من أهله وأيضا مما يدل عليه استحياء علي رضي الله عنه لأنه لو كان على مرض أو سلس لم يستح من ذلك قلت فيما قالوه نظر لأن سؤال المقداد النبي عليه الصلاة والسلام أولا مطلق غير مقيد فإنه جاء في الصحيح فسأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به قال اغسل ذكرك وتوضأ فالحكم متعلق بسؤال المقداد الذي وقع الجواب عنه فصار أمر علي رضي الله عنه أجنبيا عن الحكم وقول القاضي عبد الوهاب حكاية قول علي للمقداد وهو حاضر وأما سؤال المقداد فكان عاما وهو من فقه المقداد فوقع السؤال من المقداد عاما والجواب من النبي عليه الصلاة والسلام مترتب عليه والتمسك بقول المقداد فسألته عن ذلك لا يعارض النص بصريح سؤاله والأول محتمل للتأويل في تعيين ما يرجع الإشارة إليه وأما ثانيا فإنه قد جاء في سنن أبي داود ما يدل على خلافه وهو من علي رضي الله عنه قال كنت رجلا مذاء فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري فهذا يدل على كثرة وقوعه منه ومعاودته وجاء فيه أيضا أن عليا أمر عمارا أن يسأل رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال يغسل مذاكيره ويتوضأ وفي بعضها كنت رجلا مذاء فأمرت عمار بن ياسر يسأل رسول الله عليه الصلاة والسلام من
(٢١٦)