عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ١٩
63 حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الليث عن سعيد هو المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول: بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكىء بين ظهرانيهم. فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكيء. فقال له الرجل. ابن عبد المطلب؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (قد أجبتك) فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك. فقال: (سل عما بدا لك) فقال: أسألك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: (اللهم نعم) قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: (اللهم نعم). قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: (اللهم نعم) قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم نعم) فقال الرجل: آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.
لما ذكر احتجاج بعضهم في القراءة على العالم، لحديث ضمام بن ثعلبة، أخرجه ههنا بتمامه.
بيان رجاله: وهم خمسة: الأول: عبد الله بن يوسف التنيسي، وقد مر. الثاني: الليث بن سعد المصري، وقد مر. الثالث: سعيد بن أبي سعيد المقبري، وقد مر. الرابع: شريك بن عبد الله بن أبي نمر، بفتح النون وكسر الميم، القرشي، أبو عبد الله المدني القرشي، وقال الواقدي: الليثي، وقال غيره: الكناني؛ وجده أبو نمر شهد أحدا مع المشركين، ثم هداه الله إلى الإسلام، سمع أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وأبا سلمة بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار وغيرهم، روى عنه مالك وسعيد المقبري وإسماعيل بن جعفر وسليمان بن بلال وغيرهم، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: شريك رجل مشهور من أهل الحديث، حدث عنه الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة فلا بأس به، إلا أن يروي عنه ضعيف، روى له الجماعة إلا الترمذي، توفي سنة أربعين ومائة. الخامس: أنس بن مالك، وقد مر.
بيان لطائف إسناده: منها: أن فيه التحديث والعنعنة والسماع. ومنها: أن رواته ما بين تنيسي ومصري ومدني. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي.
فإن قلت: هذا الحديث فيه اختلاف من وجهين: أحدهما: أن النسائي رواه من طريق يعقوب ابن إبراهيم بن سعد عن الليث، قال: حدثني محمد بن عجلان وغيره عن سعيد. والثاني: أخرجه النسائي أيضا، والبغوي من طريق الحارث بن عمر عن عبد الله العمري عن سعيد عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، وأخرج ابن منده من طريق الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. قلت: أما الأول: فإنه يمكن أن يكون الليث قد سمع من سعيد بواسطة، ثم لقيه فحدث به، ويؤيد ذلك رواية الإسماعيلي من طريق يونس بن محمد عن الليث: حدثني سعيد، وكذا رواية ابن منده من طريق ابن وهب عن الليث. وأما الثاني فلأن الليث أثبتهم في سعيد.
بيان من أخرجه غيره: أخرجه أبو داود في الصلاة عن عيسى بن حماد عن الليث نحوه، والنسائي في الصوم عن عيسى بن حماد به، وعن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، عن عمه يعقوب بن إبراهيم عن الليث: حدثني ابن عجلان وغيره، من أصحابنا، عن سعيد المقبري، وأخرجه ابن ماجة في الصلاة عن عيسى بن حماد به.
بيان اللغات: قوله: (على جمل)، وهو زوج الناقة، وتسكين الميم فيه لغة، ومنه قراءة أبي السماك * (حتى يلج الجمل) * (الأعراف: 40) بسكون الميم، والجمع: جمال وجمالة وجمالات وجمائل وأجمال. قوله: (فأناخه) يقال: أنخت الجمل أبركته، ويقال أيضا: أناخ الجمل نفسه أي: برك. وقال ابن الأعرابي: لا يقال: أناخ ولا ناخ. قوله: (ثم عقله)، بفتح العين المهملة والقاف، قال الجوهري: عقلت البعير
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»