عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ١١٨
إذا أدى حق الله تعالى وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران) ثم قال عامر: اعطيناكها بغير شيء قد كان يركب فيما دونها إلى المدينة.
.
مطابقة الحديث للترجمة في الأمة فقط بحسب الظاهر لأنه ليس فيه ما يدل على تعليم الأهل، وأما ذكر الأهل فيحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون بطريق القياس على الأمة المنصوص عليها بالنص، والاعتناء بتعليم الحرائر الأهل من الأمور الدينية أشد من الإماء. والآخر: أن يكون قد أراد أن يضع فيه حديثا يدل عليه فما اتفق له.
بيان رجاله: وهم ستة. الأول: محمد بن سلام، بتخفيف اللام على الأصح، وقد تقدم. الثاني: المحاربي، بضم الميم وبالحاء المهملة وبالراء المكسورة بعدها ياء آخر الحروف مشددة: وهو عبد الرحمن بن محمد بن زياد الكوفي. قال يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق إذا حدث عن الثقات، ويروي عن المجهولين أحاديث منكرة فيفسد حديثه بروايته عنهم، مات سنة خمسة وتسعين ومائة، روى له الجماعة. الثالث: صالح بن حيان، بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف: وهو اسم جد أبيه نسب إليه وهو صالح بن صالح بن مسلم بن حيان، ولقبه: حي، وهو أشهر به من اسمه، وفي طبقته آخر كوفي أيضا يقال له: صالح بن حيان القرشي، لكنه ضعيف وهذا ثقة مشهور، وقد طعن من لا خبرة له في البخاري أنه أخرج الصالح بن حيان وظنه صالح بن حيان القرشي، وليس كذلك، وإنما أخرج الصالح بن حيان الذي يلقب أبوه بالحي، وهذا الحديث معروف بروايته عن الشعبي دون رواية القرشي عنه، وقد أخرج البخاري من حديثه من طرق، منها في الجهاد من طريق ابن عيينة، قال: حدثنا صالح ابن حي، قال: سمعت الشعبي وصالح ابن حي الهمداني الكوفي الثوري، ثور همدان، وهو ثور بن مالك بن معاوية بن دومان بن بكيل بن جشم بن حيوان بن نوف بن همدان، وهو والد الحسن وعلي، قال الكلاباذي: مات هو وابنه علي سنة ثلاث وخمسين ومائة، وابنه الحسن سنة سبع وستين ومائة. الرابع: عامر بن شراحيل الشعبي، وقد تقدم. الخامس: أبو بردة عامر الأشعري الكوفي قاضيها. السادس: أبوه أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري، رضي الله عنه.
بيان لطائف إسناده: منها: أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة. ومنها: أن رواته كلهم كوفيون ما خلا ابن سلام. ومنها: أن فيه رواية التابعي عن التابعي. قوله: (حدثنا محمد بن سلام)، كذا هو في رواية أبي ذر، وفي رواية كريمة: (حدثنا محمد هو ابن سلام). وفي رواية الأصيلي: (حدثنا محمد) فحسب، واعتمده المزي في (الأطراف) فقال: رواه البخاري عن محمد، قيل: هو ابن سلام. قوله: (أنبأنا المحاربي)، وفي رواية كريمة: (حدثنا المحاربي)، وليس عند البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر في العيدين. قوله: (قال عامر) تقديره: قال صالح: قال عامر. وعادتهم حذف قال إذا تكررت خطا لا نطقا.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في العتق عن محمد بن كثير عن سفيان الثوري، وفي الجهاد عن علي بن عبد الله عن سفيان بن عيينة، وفي أحاديث الأنبياء عن محمد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك، وفي النكاح عن موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد بن زياد، ثلاثتهم عن صالح بن حيان. وأخرجه مسلم في الإيمان عن يحيى بن يحيى عن هشيم، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبدة بن سليمان، وعن ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة، وعن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة، أربعتهم عن صالح بن حيان. وأخرجه الترمذي في النكاح عن ابن أبي عمر به، وعن هناد بن السري عن علي بن مسهر عن الفضل بن يزيد عنه، وقال: حسن. وأخرجه النسائي فيه عن يعقوب ابن إبراهيم عن يحيى بن أبي زائدة عن صالح به، وعن هناد بن السري عن أبي زبيد عشير ابن القاسم عن مطرف عن عامر به. وأخرجه ابن ماجة عن أبي سعيد الأشج عن عبدة بن سليمان به.
بيان الإعراب: قوله: (ثلاثة) مبتدأ تقديره: ثلاثة رجال أو رجال ثلاثة. وقوله: (لهم أجران) مبتدأ وخبر، والجملة خبر المبتدأ الأول. قوله: (رجل) قال الكرماني: بدل من ثلاثة أو الجملة صفته، و: رجل، وما عطف عليه خبره. ثم قال: فإن قلت: إذا كان بدلا أهو بدل البعض أو بدل الكل؟ قلت: بالنظر إلى كل رجل بدل البعض، وبالنظر إلى المجموع بدل الكل.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»