فلذلك دخلها الفاء. قوله: (فإن فيهم) الفاء فيه تصلح للتعليل. (والمريض)، نصب لأنه اسم: إن، وما بعده عطف عليه، وخبرها هو قوله: فيهم، مقدما. قوله: (بالناس) أي: ملتبسا بهم إماما لهم. قوله: (وذا الحاجة) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية القابسي: (وذو الحاجة). وجهه أن يكون معطوفا على محل اسم: إن، وهو رفع مع الخلاف فيه، وقال بعضهم: أو هو استئناف. قلت: لا يصح أن يكون استئنافا لأنه في الحقيقة جواب سؤال، وليس هذا محله. ويجوز أن يكون المبتدأ محذوف الخبر، وتكون الجملة معطوفة على الجملة الأولى، والتقدير: وذو الحاجة كذلك، والفرق بين الضعف والمرض أن الضعف أعم من المرض، فالمرض ضد الصحة. يقال: مرض يمرض مرضا ومرضا فهو مريض ومارض. ويقال: المرض، بالإسكان، مرض القلب خاصة. قال الصغاني: وأصل المرض الضعف، وكلما ضعف مرض. وقال ابن الأعرابي: أصل المرض النقصان. يقال: بدن مريض أي: ناقص القوة، وقلب مريض أي: ناقص الدين. وقيل: المرض اختلال الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها، والضعف خلاف القوة، وقد ضعف وضعف، والفتح عن يونس: فهو ضعيف، وقوم ضعاف وضعفة. وفرق بعضهم بين الضعف والضعف. فقال: الضعف بالفتح في العقل والرأي، والضعف بالضم في الجسد. ورجل ضعوف أي ضعيف. فإن قيل: لم ذكر هذا الثلاثة؟ قلت: لأنه متناول لجميع الأنواع المقتضية. للتخفيف، فإن المقتضى له إما في نفسه أو لا، والأول إما بحسب ذاته، وهو الضعف أو بحسب العارض وهو المرض.
بيان استنباط الأحكام: الأول: قال النووي: فيه جواز التأخر عن صلاة الجماعة إذا علم من عادة الإمام التطويل الكثير. الثاني: فيه جواز ذكر الإنسان بفلان ونحوه في معرض الشكوى. الثالث: فيه جواز الغضب لما ينكر من أمور الدين. الرابع: فيه جواز الإنكار على من ارتكب ما ينهى عنه، وإن كان مكروها غير محرم. الخامس: فيه التعزير على إطالة الصلاة إذا لم يرض المأموم به وجواز التعزير بالكلام. السادس: فيه الأمر بتخفيف الصلاة. وقال ابن بطال: وإنما غضب رسول الله، عليه الصلاة والسلام، لأنه كره التطويل في الصلاة من أجل أن فيهم المريض ونحوه، فأراد الرفق والتيسير بأمته ولم يكن نهيه، عليه الصلاة والسلام، من التطويل لحرمته، لأنه، عليه الصلاة والسلام، كان يصلي في مسجده ويقرأ بالسور الطوال مثل سورة يوسف، وذلك لأنه كان يصلي معه أجلة أصحابه، ومن أكثر همه طلب العلم والصلاة. أقول: ولهذا خفف في بعض الأوقات، كما: فيما سمع صوت بكاء الصبي ونحوه.
91 حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا سليمان بن بلال المديني عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن اللقطة فقال: (اعرف وكاءها) أو قال: وعاءها. وعفاصها ثم عرفها سنة ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه قال: فضالة الإبل؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه أو قال: أحمر وجهه فقال: (وما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وترعى الشجر، فذرها حتى يلقاها ربها) قال: فضالة الغنم؟ قال: (لك أو لأخيك أو للدئب).
.
مطابقة الحديث للترجمة في قوله: (فغضب حتى احمرت وجنتاه).
بيان رجاله: وهم ستة: الأول: عبد الله بن محمد أبو جعفر المسندي، بفتح النون، وقد تقدم. الثاني: أبو عامر عبد الملك، وقد تقدم. الثالث: سليمان بن بلال المديني، وقد تقدم. وفي بعض النسخ: المدني. قال الجوهري: إذا نسبت إلى مدينة النبي، عليه الصلاة والسلام، قلت: مدني، وإلى مدينة المنصور: مديني، وإلى مدائن كسرى: مدائني. قلت: فعلى هذا التقدير لا يصح المديني، لأنه من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ أبو الفضل المقدسي في كتاب (الأنساب): قال البخاري: المديني هو الذي أقام بمدينة رسول الله، عليه الصلاة والسلام، ولم يفارقها. والمدني هو الذي تحول عنها وكان منها. الرابع: ربيعة بن أبي عبد الرحمن المعروف: بربيعة الرأي، وقد يقال: الرئي، بالتشديد منسوبا إلى الرأي، وهو شيخ مالك وقد تقدم. الخامس: يزيد من الزيادة مولى المنبعث، اسم فاعل من الانبعاث، بالنون والموحدة والمهملة والمثلثة، المدني. روى عن أبي هريرة وزيد بن خالد، وعن ربيعة ويحيى بن سعيد، ثقة، روى له الجماعة.