عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٣١٠
لهم في المطالع جواثي بواو ومخففة ومنهم من يهمزها وهي مدينة وإنما جمعت بعد رجوع وفدهم إليهم فدل على أنهم سبقوا جميع المدن إلى الإسلام وجاء في هذا الخبر ' أن وفد عبد القيس لما وصلوا إلى المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقام الأشج فجمع رجالهم وعقل ناقته ولبس ثيابا جددا ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه إلى جانبه ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم تبايعوني على أنفسكم وقومكم فقال القوم نعم فقال الأشج يا رسول الله إنك لن تزايل الرجل عن شيء أشد عليه من دينه نبايعك على أنفسنا وترسل معنا من يدعوهم فمن اتبع كان منا ومن أبي قاتلناه قال صدقت إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والإناة ' وجاء في مسند أبي يعلى الموصل ' أكانا في أم حدثا قال بل قديم قلت الحمد لله الذي جعلني على خلقين يحبهما الله تعالى ' والأناة بفتح الهمزة مقصورة قال الجوهري الأناة على وزن قناة يقال تأنى في الأمر أن توقف وانتطر ورجل آن على وزن فاعل أي كثير الأناة وقال القاضي آنيت ممدودا وأنيت وتأنيت وزاد غيره استأنيت واصل الحلم بالكسر العقل (بيان استنباط الأحكام) وهو على وجوه * الأول فيه وفادة الرؤساء إلى الأئمة عند الأمور المهمة * الثاني قال ابن التين يستنبط من وقله ' اجعل لك سهما من مالي ' على جواز أخذ الأجرة على التعليم * الثالث فيه استعانة العالم في تفهيم الحاضرين والفهم عنهم كما فعله ابن عباس رضي الله عنهما * الرابع فيه استحباب قول مرحبا للزوار * الخامس فيه أنه ينبغي أن يحث الناس على تبليغ العلم. السادس فيه الأمر بالشهادتين. السابع فيه الأمر بالصلاة. الثامن فيه الأمر بأداء الزكاة. التاسع فيه الأمر بصيام شهر رمضان. العاشر فيه وجوب الخمس في الغنيمة قلت أم كثرت وإن لم يكن الإمام في السرية الغازية. الحادي عشر النهي عن الانتباذ في الأواني الأربع وهي أن تجعل في الماء حبا من تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويشرب لأنه يسرع فيها الاسكار فيصير حراما ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الأدم بل أذن فيها لأنها لرقتها لا يبقى فيها المسكر بل إذا صار مسكر أشقها غالبا ثم إن هذا النهي كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ ففي صحيح مسلم من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ' كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا ' وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي والجمهور وذهبت طائفة إلى أن النهي باق منهم مالك وأحمد وإسحاق حكاه الخطابي عنهم قال وهو مروى عن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وذكر ابن عباس هذا الحديث لما استفتى دليل على أنه يعتقد النهي ولم يبلغه الناسخ والصواب الجزم بالإباحة لتصريح النسخ. الثاني عشر فيه دليل على عدم كراهة قول رمضان من غير تقييد بالشهر. الثالث عشر فيه أنه لا عيب عل الطالب للعلوم أو المستفتي أن يقول للعالم أوضح لي الجواب ونحو هذه العبارة * الرابع عشر فيه ندب العالم إلى إكرام الفاضل * الخامس عشر فيه أن الثناء على الإنسان في وجهه لا يكره إذا لم يخف فيه بإعجاب ونحوه * السادس عشر فيه دليل على أن الإيمان والإسلام بمعنى واحد لأنه فسر الإسلام فيما مضى بما فسر الإيمان ههنا * السابع عشر فيه أن الأعمال الصالحة إذا قبلت تدخل صاحبها الجنة * الثامن عشر أنه يبدأ بالسؤال عن الأهم * التاسع عشر فيه دليل على العذر عند العجز عن توفية الحق واجبا أو مندوبا قاله ابن أبي جمرة * العشرون فيه الاعتماد على أخبار الآحاد كما ذكرناه (الأسئلة والأجوبة) منها ما قيل أن قوله كنت فعل ماضي وقوله اقعد للحال أو للاستقبال فما وجه الجمع بينهما أجيب بأن أقعد حكاية عن الحال الماضية فهو ماض وذكر بلفظ الحال استحضار لتلك الصورة للحاضرين * ومنها ما قيل كيف قال أمرهم بأربع ثم قال أمرهم بالإيمان أجيب بأن الإيمان باعتبار الأجزاء الأربعة صح إطلاق الأربع عليه * ومنها ما قيل لم لم يذكر الحج وهو أيضا من أركان الدين أجيب بأجوبة. الأول إنما ترك ذكره لكونه على التراخي وهذا ليس بجيد لأن كونه على التراخي لا يمنع من الأمر به وفيه خلاف بين الفقهاء فعند أبي يوسف وجوبه على الفور وهو مذهب مالك أيضا ومذهب أحمد أنه على التراخي وهو مذهب الشافعي لأن فرض الحج كان بعد الهجرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قادر على الحج في سنة ثمان وفي سنة تسع ولم يحج إلا في عشر وأجيب بأنه عليه السلام كان عالما بإدراكه فلذلك أخره بخلاف غيره مع ورود الوعيد في تأخيره بعد الوجوب. الثاني إنما تركه لشهرته عندهم وهذا أيضا
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»