ابن السكيت يذكر ويؤنث وهو مهموز اللام ذكره الصغاني في باب ما يكون في آخره همزة وذكر الجوهري في باب ما يكون في آخره ياء وهو غلط فكأنه ظن أن همزته ليست بأصلية وليس كذلك بدليل وجودها في تصغيره وقال الكرماني وفي بعض الروايات من ورائنا بكسر الميم قلت قال الشيخ قطب الدين في شرحه ولا خلاف أن قوله نحبر به من وراءنا بفتح الميم والهمزة فإن قلت أن صح ما قاله الكرماني فما تكون من بالكسر قلت إن صحت هذه الرواية يحتمل أن تكون من للغاية بمعنى أو قومهم يكونون غاية لأخبارهم قوله ' وندخل به الجنة ' برفع اللام وجزمها عطفا على قوله نخبر الموجه بوجهين وفي بعض الروايات ندخل بدون الواو وكذا وقع في مسلم بلا واو وعلى هذه الرواية يتعين رفعه وهي جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب قوله ' وسألوه ' أي النبي عليه الصلاة والسلام عن الأشربة أي عن ظرف الأشربة فالمضاف محذوف والتقدير سألوه عن الأشربة التي تكون في الأواني المختلفة فعلى هذا يكون محذوف الصفة فافهم قوله ' فأمرهم بأربع ' الفاء للتعقيب أي بأربع خصال أو بأربع جمل لقوله حدثنا بجمل من الأمر وهي رواية قرة عند البخاري في المغازي وقوله ونهاهم عطف على فأمر قوله ' أمرهم بالإيمان ' تفسير لقوله ' فأمرهم بأربع ' ولهذا ترك العاطف فإن قلت كيف يكون تفسيرا والمذكور خمس قلت قال النووي عد جماعة الحديث من المشكلات حيث قال أمرهم بأربع والمذكور خمس واختلفوا في الجواب عنه فقال البيضاوي الظاهر أن الأمور الخمسة تفسير للإيمان وهو أحد الأربعة المأمور بها والثلاثة الباقية حذفها الراوي نسيانا واختصارا وقال الطيبي من عادة البلغاء أن الكلام إذا كان منصبا لغرض من الأغراض جعلوا سياقه له وتوجهه إليه كأن ما سواه مرفوض مطرح فههنا لم يكن الغر ض في إيراد ذكر الشهادتين لأن القوم كانوا مقرين بهما بدليل قولهم الله ورسوله أعلم ولكن كانوا يظنون أن الإيمان مقصور عليهما وأنهما كافيتان لهم وكان الأمر في أول الإسلام كذلك لم يجعله الراوي من الأوامر وجعل الاعطاء منها لأنه هو الغرض من الكلام لأنهم كانوا أصحاب غزوات مع ما فيه من بيان أن الإيمان غير مقصور على ذكر الشهادتين وقال القرطبي قيل أن أول الأربع المأمور بها أقام الصلاة وإنما ذكر الشهادتين تبركا بهما كما قيل في قوله تعالى * (واعلموا إنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) * وهذا نحو كلام الطيبي فإن قلت قوله ' وأقام الصلاة ' مرفوع عطفا على قوله ' شهادة أن لا إله إلا الله ' وهذا يرد ما قاله الطيبي والقرطبي وأجيب بأنه يجوز أن يقرأ وأقام الصلاة بالجر عطفا على قوله ' أمرهم بالإيمان ' والتقدير أمرهم بالإيمان مصدرا به وبشرطه في الشهادتين وأمرهم بأقام الصلاة إلى آخره ويعضد هذا رواية البخاري في الأدب من طريق أبي التياح عن أبي جمرة ولفظه ' أربع وأربع أقيموا ' إلى آخره فإن قيل ظاهر ما ترجم به المصنف من أن أداء الخمس من الإيمان يقتضي إدخاله مع الخصال في تفسير الإيمان والتقدير المذكور يخالفه فأجاب ابن رشد بأن المطابقة تحصل من جهة أخرى وهي أنهم سألوا عن الأعمال التي يدخلون بها الجنة فأجيبوا بأشياء من أداء الخمس والأعمال التي يدخل بها الجنة هي أعمال الإيمان فيكون أداء الخمس من الإيمان بهذا التقرير (فإن قلت) قد قال في رواية حماد بن زيد عن أبي جمرة ' أمركم بأربع الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وعقدة واحدة ' أخرجها البخاري في المغازي وأخرج في فرض الخمس وعقد بيده الحجاج بن منهال فدل على أن الشهادة إحدى الأربع وكذا في رواية عباد بن عباد في أوائل المواقيت ولفظه ' أمركم بأربع ونهاكم عن أربع الإيمان بالله ثم فسرها لهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ' الحديث وهذا أيضا يدل على أنه عد الشهادتين من الأربع لأنه أعاد الضمير في قوله ثم فسرها مؤنثا فيعود على الأربع ولو أراد تفسير لأعاده مذكرا قلت أجاب عنه القاضي وابن بطال بأنه عد الأربع التي وعدهم ثم زادهم خامسة وهي أداء الخمس لأنهم كانوا مجاورين لكفار مضر وكانوا أهل جهاد وغنائم قال النووي وهو الصحيح وقال الكرماني ليس الصحيح ذلك ههنا لأن البخاري عقد الباب على أن أداء الخمس من الإيمان فلا بد أن يكون داخلا تحت أجزاء الإيمان كما أن ظاهر العطف يقتضي ذلك بل الصحيح ما قيل أنه لم يجعل الشهادة بالتوحيد وبالرسالة من الأربع لعلمهم بذلك وإنما أمرهم بأربع لم يكن في علمهم أنها دعائم الإيمان قلت لو اطلع الكرماني على رواية حماد بن زيد عن أبي جمرة ورواية عباد لما نفى الصحيح وأثبت غير الصحيح والتعليل الذي علله
(٣٠٧)