فان المراد من معنى الإيمان ههنا معناه اللغوي، معناه: مصدقا بأنه حق وطاعة، وقد مر الكلام فيه، وفي قوله: واحتسابا مستوفى في باب قيام ليلة القدر من الإيمان.
بيان رجاله: وهم ستة: الأول: أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف، بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم وفي آخره فاء، ومعناه: الموسع، ونسبته إليه، وكنيته أبو بكر السدوسي البصري، روى عنه البخاري وأبو داود والنسائي، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. الثاني: روح، بفتح الراء وبالحاء المهملة، بن عبادة بن العلاء بن حسان بن عمر بن مرثد البصري، قال الخطيب: كان كثير الحديث، وصنف الكتب في السنن والأحكام والتفسير، وكان ثقة. قال علي بن المديني: نظرت لروح بن عبادة في أكثر من مائة الف حديث، كتبت منها عشرة آلاف. وقال يحيى بن معين: لا بأس به صدوق، توفي سنة خمس ومائتين. روى له الجماعة. الثالث: عوف، بالفاء، ابن أبي جميلة بندويه، بفتح الباء الموحدة والنون الساكنة والدال المهملة المضمومة وواو ساكنة وياء آخر الحروف مفتوحة، وغلط من قال بوزن: راهويه، وقيل: اسمه بنده أي: العبد، يعرف بالأعرابى، ولم يكن أعرابيا، وإنما قيل لفصاحته، العبدي الهجري البصري، سمع جمعا من كبار التابعين منهم الحسن، وعنه الأعلام: الثوري وشعبة وغيرهما، وثقته مجمع عليها، ولد سنة تسع وخمسين، ومات سنة ست وقيل: سنة سبع وأربعين ومائة، ونسب إلى التشيع، روى له الجماعة. الرابع: الحسن البصري، وقد مر ذكره. الخامس: محمد بن سيرين أبو بكر الأنصاري، مولاهم، البصري التابعي الجليل، أخو أنس ومعبد ويحيى وحفصة وكريمة أولاد سيرين، وسيرين مولى أنس من سبي عين التمر، وإذا أطلق ابن سيرين فهو: محمد هذا، وهؤلاء الستة كلهم تابعيون، وذكر أبو علي الحافظ خالدا بدل كريمة، قال: وأكبرهم معبد، وأصغرهم حفصة. قلت: وفي أولاد سيرين أيضا: عمرة وسودة. قال ابن سعد: أمها أم ولد كانت لأنس، وذكر بعضهم من أولاده أيضا: أشعب، فهؤلاء عشرة. كاتب أنس، رضي الله عنه، سيرين على عشرين ألف درهم، فأداها وعتق، وأم محمد وأخوته صفية مولاة الصديق، طيبها ثلاث من أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، ودعون لها وحضر أملاكها ثلاثة عشر بدريا منهم: أبي بن كعب يدعو وهم يؤمنون، سمع جمعا من الصحابة وخلقا من التابعين، قال هشام بن حسان: أدرك ثلاثين صحابيا، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه، وهو أكبر من أخيه أنس، وعنه خلق من التابعين: الشعبي وقتادة وأيوب، مات سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم، روى له الجماعة. السادس: أبو هريرة، رضي الله عنه.
بيان لطائف اسناده منها: أن فيه التحديث والعنعنة. ومنها: أن رواته كلهم بصريون ما خلا أبا هريرة، رضي الله عنه. ومنها: أن البخاري، رحمه الله تعالى، قرن فيه بين الحسن ومحمد بن سيرين لما أسلفنا أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة عند الجمهور، فقرنه بمحمد بن سيرين لأنه سمع منه، فالاعتماد عليه، وعلى قول من يقول: إن الحسن سمع منه لا يخلو إما أن يكونا سمعا هذا الحديث من أبي هريرة مجتمعين، وإما ان يكونا سمعا منه مفترقين، وإنما أورده البخاري كما سمع، وقد وقع له نظير هذا في قصة موسى، عليه السلام، فإنه أخرج فيها حديثا من طريق روح بن عبادة بهذا الإسناد، وأخرج أيضا في بدء الخلق عنهما، عن أبي هريرة حديثا آخر، واعتماده في كل ذلك على ابن سيرين، لأن الحسن، وإن صح سماعه عن أبي هريرة، فإنه كثير الإرسال فلا تحمل عنعنته على السماع. وقال الكرماني: قالوا: لم يصح سماع الحسن عن أبي هريرة، أقول: فعلى هذا التقدير يكون لفظ: عن أبي هريرة، متعلقا بمحمد فقط، أو يكون مرسلا. قلت: قوله: أو يكون مرسلا، إن أراد به أن الحديث يكون مرسلا، فلا يصح، وإن أراد به الإرسال من جهة الحسن فله وجه على تقدير عدم سماعه من أبي هريرة.
بيان من أخرجه غيره: أخرجه النسائي في الإيمان عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام عن إسحاق الأزرق، وفي الجنائز عن محمد بن بشار عن محمد بن جعفر، كلاهما عن عوف عن محمد به.
بيان اللغات: قوله: (اتبع)، بتشديد التاء المثناة من فوق في أكثر الروايات، وفي رواية الأصيلي: تبع، بدون الألف وكسر الباء الموحدة، يقال: تبعت الشيء تبعا وتباعة، بفتح التاء، وتبع واتبع واتبع واحد، وقيل: اتبعه: لحقه ومشى خلفه، واتبعه: حذا