واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور انه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل قوله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه) قال أهل اللغة النصيف النصف وفيه أربع لغات نصف بكسر النون ونصف بضمها ونصف بفتحها ونصيف بزيادة الياء حكاهن القاضي عياض في المشارق عن الخطابي ومعناه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد قال القاضي ويؤيد هذا ما قدمناه في أول باب فضائل الصحابة عن الجمهور من تفضيل الصحابة كلهم على جميع من بعدهم وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولأن انفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم وقد قال الله تعالى لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة والتودد والخشوع والتواضع والايثار والجهاد في الله حق جهاده وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشئ والفضائل لا تؤخذ بقياس فضل الله يؤتيه من يشاء قال القاضي ومن أصحاب الحديث من يقول هذه الفضيلة مختصة بمن طالت صحبته وقاتل معه وأنفق وهاجر ونصر لا لمن رآه مرة كوفود الاعراب أو صحبه آخرا بعد الفتح وبعد اعزاز الدين ممن لم يوجد له هجرة ولا أثر في الدين ومنفعة
(٩٣)