الحرب والاصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها) قال القاضي لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو فقالت طائفة هو على اطلاقه وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة وقالوا الكذب المذموم ما فيه مضرة واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم فعله كبيرهم ما سقيم وقوله إنها أختي وقول منادي يوسف صلى الله عليه وسلم العير انكم لسارقون قالوا ولا خلاف أنه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختف وجب عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو وقال آخرون منهم الطبري لا يجوز الكذب في شئ أصلا قالوا وما جاء من الإباحة في هذا المراد به التورية واستعمال المعاريض لا صريح الكذب مثل أن يعد زوجته أن يحسن إليها ويكسوها كذا وينوي ان قدر الله ذلك وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه وإذا سعى في الاصلاح نقل عن هؤلاء إلى هؤلاء كلاما جميلا ومن هؤلاء إلى هؤلاء كذلك وورى وكذا في الحرب بان يقول لعدوه مات امامكم الأعظم وينوي امامهم في الأزمان الماضية أو غدا يأتينا مدد أي طعام ونحوه هذا من المعاريض المباحة فكل هذا جائز وتأولوا قصة إبراهيم ويوسف وما جاء من هذا على المعاريض والله أعلم وأما كذبه لزوجته وكذبها له فالمراد به في اظهار الود والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك فأما المخادعة في منع ما عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرام باجماع المسلمين والله أعلم
(١٥٨)