في استيضائه وبالغتم فيها لا تكون مناشدة أحدكم مناشدة بأشد من مناشدة المؤمنين لله تعالى في الشفاعة لإخوانهم وأما الرواية الثالثة والرابعة فمعنا هما أيضا ما منكم من أحد يناشد الله تعالى في الدنيا في استيفاء حقه أو استقصائه وتحصيله من خصمه والمتعدي عليه بأشد من مناشدة المؤمنين الله تعالى في الشفاعة لإخوانهم يوم القيامة والله أعلم قوله سبحانه وتعالى (من وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير ونصف مثقال من خير ومثقال ذرة) قال القاضي عياض رحمه الله قيل معنى الخير هنا اليقين قال والصحيح أن معناه شئ زائد على مجرد الايمان لأن الايمان الذي هو التصديق لا يتجزأ وإنما يكون هذا التجزؤ لشئ زائد عليه من عمل صالح أو ذكر خفي أو عمل من أعمال القلب من شفقة على مسكين أو خوف من الله تعالى ونية صادقة ويدل عليه قوله في الرواية الأخرى في الكتاب يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن كذا ومثله الرواية الأخرى يقول الله تعالى شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق الا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط وفي الحديث الآخر لأخرجن من قال لا إله إلا الله قال القاضي رحمه الله فهؤلاء هم الذين معهم مجرد الايمان وهم الذين لم يؤذن في الشفاعة فيهم وإنما دلت الآثار على أنه أذن لمن عنده شئ زائد على مجرد الايمان وجعل للشافعين من الملائكة والنبيين صلوات الله وسلامه عليهم دليلا عليه وتفرد الله عز وجل بعلم ما تكنه القلوب والرحمة لمن ليس عنده الا مجرد الايمان وضرب بمثقال الذرة المثل لأقل الخير فإنها أقل المقادير قال
(٣١)