الآخرة وسلكوا مسلكهم ودخلوا في جملتهم وتبعوهم ومشوا في نورهم حتى ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب وذهب عنهم نور المؤمنين قال بعض العلماء هؤلاء هم المطرودون عن الحوض الذين يقال لهم سحقا سحقا والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه) اعلم أن لأهل العلم في أحاديث الصفات وآيات الصفات قولين أحدهما وهو مذهب معظم السلف أو كلهم أنه لا يتكلم في معناها بل يقولون يجب علينا أن نؤمن بها ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله تعالى وعظمته مع اعتقادنا الجازم أن الله تعالى ليس كمثله شئ وأنه منزه عن التجسم والانتقال والتحيز في جهة وعن سائر صفا ت المخلوق وهذا القول هو مذهب جماعة من المتكلمين واختاره جماعة من محققيهم وهو أسلم والقول الثاني وهو مذهب معظم المتكلمين أنها تتأول على ما يليق بها على حسب مواقعها وإنما يسوغ تأويلها لمن كان من أهله بأن يكون عارفا بلسان العرب وقواعد الأصول والفروع ذا رياضة في العلم فعلى هذا المذهب يقال في قوله صلى الله عليه وسلم فيأتيهم الله أن الاتيان عبارة عن رؤيتهم إياه لأن العادة أن من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته الا بالاتيان فعبر بالاتيان والمجئ هنا عن الرؤية مجازا وقيل الاتيان فعل من أفعال الله تعالى سماه اتيانا وقيل المراد بيأتيهم الله أي يأتيهم بعض ملائكة الله قال القاضي عياض رحمه الله هذا الوجه أشبه عندي بالحديث قال ويكون هذا الملك الذي جاءهم في الصورة التي أنكروها من سمات الحدث الظاهرة على الملك والمخلوق قال أو يكون معناه يأتيهم الله في صورة أي يأتيهم بصورة ويظهر لهم من صور الملائكة ومخلوقاته التي لا تشبه
(١٩)