الله عليه وسلم (أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها) معنى رأوه فيها علموها له وهي صفته المعلومة للمؤمنين وهي أنه لا يشبه شئ وقد تقدم الاتيان والصورة والله أعلم قوله (قالوا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم) معنى قولهم التضرع إلى الله تعالى في كشف هذه الشدة عنهم وأنهم لزموا طاعته سبحانه وتعالى وفارقوا في الدنيا الناس الذين زاغوا عن طاعته سبحانه من قراباتهم وغيرهم ممن كانوا يحتاجون في معايشهم ومصالح دنياهم إلى معاشرتهم للارتفاق بهم وهذا كما جرى للصحابة المهاجرين وغيرهم ومن أشبههم من المؤمنين في جميع الأزمان فإنهم يقاطعون من حاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مع حاجتهم في معايشهم إلى الارتفاق بهم والاعتضاد بمخالطتهم فآثروا رضى الله تعالى على ذلك وهذا معنى ظاهر في هذا الحديث لا شك في حسنه وقد أنكر القاضي عياض رحمه الله هذا الكلام الواقع في صحيح مسلم وادعى أنه مغير وليس كما قال بل الصواب ما ذكرناه قوله صلى الله عليه وسلم (حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب) هكذا هو في الأصول ليكاد أن ينقلب باثبات أن واثباتها مع كاد لغة كما أن حذفها مع عسى لغة وينقلب بياء مثناة من تحت ثم نون ثم قاف ثم لام ثم باء موحدة ومعناه والله أعلم ينقلب عن الصواب ويرجع عنه للامتحان الشديد الذي جرى والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (فيكشف عن ساق) ضبط يكشف بفتح الياء وضمها وهما صحيحان وفسر ابن عباس وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث الساق هنا بالشدة أي يكشف عن شدة وأمر مهول وهذا مثل تضربه العرب لشدة
(٢٧)