الله هذا المذهب عن المحققين واحتج القائلون بهذا بأن كل مخالفة فهي بالنسبة إلى جلال الله تعالى كبيرة وذهب الجماهير من السلف والخلف من جميع الطوائف إلى انقسام المعاصي إلى صغائر وكبائر وهو مروى أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد تظاهر على ذلك دلائل من الكتاب والسنة واستعمال سلف الأمة وخلفها قال الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه البسيط في المذهب انكار الفرق بين الصغيرة والكبيرة لا يليق بالفقه وقد فهما من مدارك الشرع وهذا الذي قاله أبو حامد قد قاله غيره بمعناه ولا شك في كون المخالفة قبيحة جدا بالنسبة إلى جلال الله تعالى ولكن بعضها أعظم من بعض وتنقسم باعتبار ذلك إلى ما تكفره الصلوات الخمس أو صوم رمضان أو الحج أو العمرة أو الوضوء أو صوم عرفة أو صوم عاشوراء أو فعل الحسنة أو غير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة والى ما لا يكفره ذلك كما ثبت في الصحيح ما لم يغش كبيرة فسمى الشرع ما تكفره الصلاة ونحوها صغائر وما لا تكفره كبائر ولا شك في حسن هذا ولا يخرجها هذا عن كونها قبيحة بالنسبة إلى جلال الله تعالى فإنها صغيرة بالنسبة إلى ما فوقها لكونها أقل قبحا ولكونها متيسرة التكفير والله أعلم وإذا ثبت انقسام المعاصي إلى صغائر وكبائر فقد اختلفوا في ضبطها اختلافا كثيرا منتشرا جدا فروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال الكبائر كل ذنب ختمه الله تعالى بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب ونحو هذا عن الحسن البصري وقال آخرون هي ما أوعد الله عليه بنار أوحد في الدنيا وقال أبو حامد الغزالي في البسيط والضابط الشامل المعنوي في ضبط الكبيرة أن كل معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوف وحذار ندم كالمتهاون بارتكابها والمتجرئ عليه اعتيادا فما أشعر بهذا الاستخفاف والتهاون فهو كبيرة وما يحمل على فلتات النفس أو اللسان وفترة مراقبة التقوى ولا ينفك عن تندم يمتزج به تنغيص التلذذ بالمعصية فهذا لا يمنع العدالة وليس هو بكبيرة وقال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه الكبيرة كل ذنب كبر وعظم عظما يصح معه أن يطلق عليه اسم الكبيرة ووصف بكونه عظيما على الاطلاق قال فهذا حد الكبيرة ثم لها أمارات منها ايجاب الحد ومنها الابعاد عليها بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب أو السنة ومنها وصف فاعلها بالفسق نصا ومنها اللعن كلعن الله سبحانه وتعالى من غير منار الأرض وقال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله في كتابه القواعد إذا أردت
(٨٥)