البخاري بضع وستون وقد نقلت كل واحدة عن كل واحد من الكتابين ولا أشكال في أن كل واحدة منهما رواية معروفة في طرق روايات هذا الحديث واختلفوا في الترجيح قال والأشبه بالاتقان والاحتياط ترجيح رواية الأقل قال ومنهم من رجح رواية الأكثر وإياها اختار أبو عبد الله الحليمي فان الحكم لمن حفظ الزيادة جازما بها قال الشيخ ثم إن الكلام في تعيين هذه الشعب يطول وقد صنفت في ذلك مصنفات ومن أغزرها فوائد كتاب المنهاج لأبى عبد الله الحليمي امام الشافعيين ببخارى وكان من رفعاء أئمة المسلمين وحذا حذوه الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله في كتابه الجليل الحفيل كتاب شعب الايمان هذا كلام الشيخ قال القاضي عياض رحمه الله البضع والبضعة بكسر الباء فيهما وفتحها هذا في العدد فاما بضعة اللحم فبالفتح لاغير والبضع في العدد ما بين الثلاث والعشر وقيل من ثلاث إلى تسع وقال الخليل البضع سبع وقيل ما بين اثنين إلى عشرة وما بين اثنى عشر إلى عشرين ولا يقال في اثنى عشر قلت وهذا القول هو الأشهر الأظهر وأما الشعبة فهي القطعة من الشئ فمعنى الحديث بضع وسبعون خصلة قال القاضي عياض رحمه الله وقد تقدم أن أصل الايمان في اللغة التصديق وفي الشرع تصديق القلب واللسان وظواهر الشرع تطلقه على الأعمال كما وقع هنا أفضلها لا إله إلا الله وآخرها إماطة الأذى عن الطريق وقد قدمنا أن كمال الايمان بالأعمال وتمامه بالطاعات وأن التزام الطاعات وضم هذه الشعب من جملة التصديق ودلائل عليه وأنها خلق أهل التصديق فليست خارجة عن اسم الايمان الشرعي ولا اللغوي وقد نبه صلى الله عليه وسلم على أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد والذي لا يصح شئ من الشعب الا بعد صحته وأدناها ما يتوقع ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم وبقى بين هذين الطرفين اعداد لو تكلف المجتهد تحصيلها بغلبة الظن وشدة التتبع لأمكنه وقد فعل ذلك بعض من تقدم وفي الحكم بأن ذلك مراد النبي صلى الله عليه وسلم صعوبة ثم إنه لا يلزم معرفة أعيانها ولا يقدح جهل ذلك في الايمان إذ أصول الايمان وفروعه معلومة محققة والايمان بأنها هذا العدد واجب في الجملة هذا كلام القاضي رحمه الله وقال الامام الحافظ أبو حاتم بن حبان بكسر الحاء تتبعت معنى هذا الحديث مدة وعددت الطاعات فإذا هي تزيد على هذا العدد شيئا كثيرا فرجعت إلى السنن فعددت كل طاعة عدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الايمان فإذا هي تنقص
(٤)