على شئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم وفى الرواية الأخرى والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا) هكذا هو في جميع الأصول والروايات ولا تؤمنوا بحذف النون من آخره وهي لغة معروفة صحيحة وأما معنى الحديث فقوله صلى الله عليه وسلم ولا تؤمنوا حتى تحابوا معناه لا يكمل ايمانكم ولا يصلح حالكم في الايمان الا بالتحاب وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا فهو على ظاهره واطلاقه فلا يدخل الجنة الا من مات مؤمنا وان لم يكن كامل الايمان فهذا هو الظاهر من الحديث وقال الشيخ أبو عمرو رحمه الله معنى الحديث لا يكمل ايمانكم الا بالتحاب ولا تدخلون الجنة عند دخول أهلها إذا لم تكونوا كذلك وهذا الذي قاله محتمل والله أعلم وأما قوله أفشوا السلام بينكم فهو بقطع الهمزة المفتوحة وفيه الحث العظيم على افشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف كما تقدم في الحديث الآخر والسلام أول أسباب التألف ومفتاح استجلاب المودة وفى افشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض واظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع واعظام حرمات المسلمين وقد ذكر البخاري رحمه الله في صحيحه عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال ثلاث من جمعهن فقد جمع الايمان الانصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والانفاق من الاقتار وروى غير البخاري هذا الكلام مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبذل السلام للعالم والسلام على من عرفت ومن لم تعرف وافشاء السلام كلها بمعنى واحد وفيها لطيفة أخرى وهي أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه ولا يخص أصحابه وأحبابه به والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب
(٣٦)