على أقام الصلاة وايتاء الزكاة لكل مسلم وفى الرواية الأخرى على السمع والطاعة فلقنني فيما استطعت) وإنما اقتصر على الصلاة والزكاة لكونهما قرينتين وهما أهم أركان الاسلام بعد الشهادتين وأظهرها ولم يذكر الصوم وغيره لدخولها في السمع والطاعة وقوله صلى الله عليه وسلم فيما استطعت موافق لقوله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها والرواية استطعت بفتح التاء وتلقينه من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم إذ قد يعجز في بعض الا حال فلو لم يقيده بما استطاع لأخل التزم في بعض الا حال والله أعلم ومما يتعلق بحديث جرير منقبة ومكرمة لجرير رضي الله عنه رواها الحافظ أبو القاسم الطبراني باسناده اختصارها أن جريرا أمر مولاه أن يشترى له فرسا فاشترى بثلاثمائة درهم وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن فقال جرير لصاحب الفرس فرسك خير من ثلاثمائة درهم أتبيعه بأربعمائة درهم قال ذلك إليك يا أبا عبد الله فقال فرسك خير من ذلك أتبيعه بخمسمائة درهم ثم لم يزل يزيده مائة فمائة وصاحبه يرضى وجرير يقول فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة درهم فاشتراه بها فقيل له في ذلك فقال إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم النصح لكل مسلم والله أعلم واما ما يتعلق بأسانيد الباب ففيه أمية ابن بسطام وقد قدمنا في المقدمة الخلاف في أنه هل يصرف أولا يصرف وفى ان الباء مكسورة على المشهور وأن صاحب المطالع حكى أيضا فتحتها وفيه زياد بن علاقة بكسر العين وبالقاف وفيه سريج بن يونس بالسين المهملة وبالجيم وفيه الدور في بفتح الدال وقد تقدم في المقدمة بيان هذه النسبة والله أعلم وأما قول مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير فهذا اسناد كله كوفيون وأما قوله حدثنا سريج ويعقوب قالا حدثنا هشيم عن سيار عن الشعبي عن جرير ثم قال مسلم في آخره قال يعقوب في روايته حدثنا سيار ففيه تنبيه على لطيفة وهي أن هشيما مدلس وقد قال عن سيار والمدلس إذا قال عن لا يحتج به الا أن ثبت سماعه من جهة أخرى فروى مسلم رحمه الله حديثه هذا عن شيخين وهما سريج ويعقوب فاما سريج فقال حدثنا هشيم عن سيار وأما يعقوب فقال حدثنا هشيم قال حدثنا سيار فبين مسلم رحمه الله اختلاف عبارة الروايتين في نقلهما عبارته وحصل منها اتصال حديثه لم يقتصر مسلم رحمه الله على احدى الروايتين وهذا من عظيم اتقانه ودقيق نظره وحسن احتياطه رضي الله عنه وسيار بتقديم
(٤٠)