وفى هذا الاسناد طريفة وهو أنه اجتمع فيه أربعة تابعيون يروى بعضهم عن بعض صالح والحرث وجعفر وعبد الرحمن وقد تقدم نظير هذا وقد جمعت فيه بحمد الله تعالى جزءا مشتملا على أحاديث رباعيات منها أربعة صحابيون بعضهم عن بعض وأربعة تابعيون بعضهم عن بعض وأما قوله قال صالح وقد تحدث بنحو ذلك عن أبي رافع فهو بضم التاء والحاء قال القاضي عياض رحمه الله معنى هذا أن صالح بن كيسان قال إن هذا الحديث روى عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر ابن مسعود فيه وقد ذكره البخاري كذلك في تاريخه مختصرا عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال أبو علي الجياني عن أحمد بن حنبل رحمه الله قال هذا الحديث غير محفوظ قال وهذا الكلام لا يشبه كلام ابن مسعود وابن مسعود يقول اصبروا حتى تلقوني هذا كلام القاضي رحمه الله وقال الشيخ أبو عمرو هذا الحديث قد أنكره أحمد بن حنبل رحمه الله وقد روى عن الحرث هذا جماعة من الثقات ولم نجد له ذكرا في كتب الضعفاء وفى كتاب ابن أبي حاتم عن يحيى بن معين أنه ثقة ثم أن الحرث لم ينفرد به بل توبع عليه على ما أشعر به كلام صالح ابن كيسان المذكور وذكر الامام الدارقطني رحمه الله في كتاب العلل أن هذا الحديث قد روى من وجوه أخر منها عن أبي واقد الليثي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما قوله اصبروا حتى تلقوني فذلك حيث يلزم من ذلك سفك الدماء أو إثارة الفتن أو نحو ذلك وما ورد في هذا الحديث من الحث على جهاد المبطلين باليد واللسان فذلك حيث لا يلزم منه إثارة فتنة على أن هذا الحديث مسوق فيمن سبق من الأمم وليس في لفظه ذكر لهذه الأمة هذا آخر كلام الشيخ أبى عمرو وهو ظاهر كما قال وقدح الإمام أحمد رحمه الله في هذا بهذا عجب والله أعلم وأما الحواريون المذكورون فاختلف فيهم فقال الأزهري وغيره هم خلصان الأنبياء وأصفياؤهم والخلصان الذين نقوا من كل عيب وقال غيرهم أنصارهم وقيل المجاهدون وقيل الذين يصلحون للخلافة بعدهم قوله صلى الله عليه وسلم ثم أنها تخلف من بعدهم خلوف الضمير في أنها هو الذي يسميه النحويون ضمير القصة والشأن ومعنى تخلف تحدث وهو بضم اللام وأما الخلوف فبضم الخاء وهو جمع خلف باسكان اللام وهو الخالف بشر وأما بفتح اللام فهو الخالف بخير هذا هو الأشهر وقال جماعة وجماعات من أهل اللغة منهم أبو زيد يقال كل واحد منهما بالفتح والاسكان ومنهم من جوز الفتح في الشر ولم يجوز الاسكان في الخير والله أعلم قوله فنزل بقناة
(٢٨)