موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى واستدل بهذا الحديث بعض من يقول إن بسم الله الرحمن الرحيم ليست من القرآن في أوائل السور لكونها لم تذكر هنا وجواب المثبتين لها أنها لم تنزل أولا بل نزلت البسملة في وقت آخر كما نزل باقي السورة في وقت آخر قولها (ترجف بوادره) بفتح الباء الموحدة ومعنى ترجف ترعد وتضطرب وأصله شدة الحركة قال أبو عبيد وسائر أهل اللغة والغريب وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الانسان قوله صلى الله عليه وسلم (زملوني زملوني) هكذا هو في الروايات مكرر مرتين ومعنى زملوني غطوني بالثياب ولفوني بها وقولها فزملوه حتى ذهب عنه الورع هو بفتح الراء وهو الفزع قوله صلى الله عليه وسلم (لقد خشيت على نفسي) قال القاضي عياض رحمه الله ليس هو بمعنى الشك فيما أتاه من الله تعالى لكنه ربما خشي أن لا يقوى على مقاومة هذا الأمر ولا يقدر على حمل أعباء الوحي فتزهق نفسه أو يكون هذا لأول ما رأى التباشير في النوم واليقظة وسمع الصوت قبل لقاء الملك وتحققه رسالة ربه فيكون خاف أن يكون من الشيطان الرجيم فأما منذ جاءه الملك برسالة ربه سبحانه وتعالى فلا يجوز عليه الشك فيه ولا يخشى من تسلط الشيطان عليه وعلى هذا الطريق يحمل جميع ما ورد من مثل هذا في حديث البعث هذا كلام القاضي رحمه الله في شرح صحيح مسلم وذكر أيضا في كتابه الشفاء هذين الاحتمالين في كلام مبسوط وهذا الاحتمال الثاني ضعيف لأنه خلاف تصريح الحديث لان هذا كان بعد غط الملك واتيانه باقرأ باسم ربك خلق والله أعلم قولها (قالت له خديجة كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا والله انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم
(٢٠٠)