عائشة رضي الله عنها وأما كلامها فيتحنث فيه الليالي أولات العدد والله أعلم وقولها فجئه الحق أي جاءه الوحي بغتة فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متوقعا للوحي ويقال فجئه بكسر الجيم وبعدها همزة مفتوحة ويقال فجأه بفتح الجيم والهمزة لغتان مشهورتان حكاهما الجوهري وغيره قوله صلى الله عليه وسلم (ما أنا بقارئ) معناه لا أحسن القراءة فما نافية هذا هو الصواب وحكى القاضي عياض رحمه الله فيها خلافا بين العلماء منهم من جعلها نافية ومنهم من جعلها استفهامية وضعفوه بادخال الباء في الخبر قال القاضي ويصحح قول من قال استفهامية رواية من روى ما أقرأ ويصح أن تكون ما في هذه الرواية أيضا نافية والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (فغطني حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلني) أما غطني فبالغين المعجمة والطاء المهملة ومعناه عصرني وضمني يقال غطه وغته وضغطه وعصره وخنقه وغمزه كله بمعنى واحد وأما الجهد فيجوز فتح الجيم وضمها لغتان وهو الغاية والمشقة ويجوز نصب الدال ورفعها فعلى النصب بلغ جبريل منى الجهد وعلى الرفع بلغ الجهد منى مبلغه وغايته وممن ذكر الوجهين في نصب الدال ورفعها صاحب التحرير وغيره وأما أرسلني فمعناه أطلقني قال العلماء والحكمة في الغط شغله من الالتفات والمبالغة في أمره باحضار قلبه لما يقول له وكرره ثلاثا مبالغة في التنبيه ففيه أنه ينبغي للمعلم أن يحتاط في تنبيه المتعلم وأمره باحضار قلبه والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (ثم أرسلني فقال باسم ربك الذي خلق أو هذا دليل صريح في أن أول ما نزل من القرآن وهذا هو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف وقيل أوله أيها المدثر وليس بشئ وسنذكره بعد هذا في
(١٩٩)