فنقصر على هذه لكونها أصحها وأوضحها والله أعلم وأما سؤال إبراهيم صلى الله عليه وسلم فذكر العلماء في سببه أوجها أظهرها أنه أراد الطمأنينة بعلم كيفية الاحياء مشاهدة بعد العلم بها استدلالا فان علم الاستدلال قد تتطرق إليه الشكوك في الجملة بخلاف علم المعاينة فإنه ضروري وهذا مذهب الامام أبى منصور الأزهري وغيره والثاني أراد اختبار منزلته عند ربه في إجابة دعائه وعلى هذا قالوا معنى قوله تعالى تؤمن أي تصدق بعظم منزلتك عندي واصطفائك وخلتك والثالث سأل زيادة يقين وان لم يكن الأول شكا فسأل الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين فان بين العلمين تفاوتا قال سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه سأل كشف غطاء العيان ليزداد بنور اليقين تمكنا الرابع انه لما احتج على المشركين بأن ربه سبحانه وتعالى يحيي ويميت طلب ذلك منه سبحانه وتعالى ليظهر دليله عيانا وقيل أقوال أخر كثيرة ليست بظاهرة قال الإمام أبو الحسن الواحدي رحمه الله اختلفوا في سبب سؤاله فالأكثرون على أنه رأى جيفة بساحل البحر يتناولها السباع والطير ودواب البحر فتفكر كيف يجتمع ما تفرق من تلك الجيفة وتطلعت نفسه إلى مشاهدة ميت يحييه ربه ولم يكن شاكا في إحياء الموتى ولكن أحب رؤية ذلك كما أن المؤمنين يحبون أن يروا النبي صلى الله عليه وسلم والجنة ويحبون رؤية الله تعالى مع الايمان بكل ذلك وزوال الشكوك عنه قال العلماء والهمزة في قوله تعالى تؤمن همزة اثبات كقول جرير ألستم خير من ركب المطايا والله أعلم وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم ويرحم الله لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد فالمراد بالركن الشديد هو الله سبحانه وتعالى
(١٨٤)