تعالى من مؤاخذته إياهم فلما فعلوا ذلك وألقى الله تعالى الايمان في قلوبهم وذلت بالاستسلام لذلك ألسنتهم كما نص في هذا الحديث رفع الحرج عنهم ونسخ هذا التكليف وطريق علم النسخ إنما هو بالخبر عنه أو بالتاريخ وهما مجتمعان في هذه الآية قال القاضي وقول المازري إنما يكون نسخا إذا تعذر البناء كلام صحيح فيما لم يرد فيه النص بالنسخ فان ورد وقفنا عنده لكن اختلف أصحاب الأصول في قول الصحابي رضي الله عنه نسخ كذا بكذا هل يكون حجة يثبت بها النسخ أم لا يثبت بمجرد قوله وهو قول القاضي أبى بكر والمحققين منهم لأنه قد يكون قوله هذا عن اجتهاده وتأويله فلا يكون نسخا حتى ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختلف الناس في هذه الآية فأكثر المفسرين من الصحابة ومن بعدهم على ما تقدم فيها من النسخ وأنكره بعض المتأخرين قال لأنه خبر ولا يدخل النسخ الأخبار وليس كما قال هذا المتأخر فإنه وإن كان خبرا فهو خبر عن تكليف ومؤاخذة بما تكن النفوس والتعبد بما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بذلك وأن يقولوا سمعنا وأطعنا وهذه أقوال وأعمال اللسان والقلب ثم نسخ ذلك عنهم برفع الحرج والمؤاخذة وروى عن بعض المفسرين أن معنى النسخ هنا إزالة ما وقع في قلوبهم من الشدة والفرق من هذا الأمر فأزيل عنهم بالآية الأخرى واطمأنت نفوسهم وهذا القائل يرى أنهم لم يلزموا مالا يطيقون لكن ما يشق عليهم من التحفظ من خواطر النفس واخلاص الباطن فاشفقوا أن يكلفوا من ذلك مالا يطيقون فأزيل عنهم الاشفاق وبين أنهم لم يكلفوا الا وسعهم وعلى هذا لا حجة فيه لجواز تكليف ما لا يطاق إذ ليس فيه نص على تكليفه واحتج بعضهم باستعاذتهم منه بقوله تعالى
(١٥٠)