والآيات في هذا كثيرة وقد تظاهرت نصوص الشرع واجماع العلماء على تحريم الحسد واحتقار المسلمين وإرادة المكروه بهم وغير ذلك من اعمال القلوب وعزمها والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم (ولن يهلك على الله الا هالك) فقال القاضي عياض رحمه الله معناه من حتم هلاكه وسدت عليه أبواب الهدى مع سعة رحمه الله تعالى وكرمه وجعله السيئة حسنة إذا لم يعملها وإذا عملها واحدة والحسنة إذا لم يعملها واحدة وإذا عملها عشرا إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة فمن حرم هذه السعة وفاته هذا الفضل وكثرت سيئاته حتى غلبت مع أنها أفراد حسناته مع أنها متضاعفة فهو الهالك المحروم والله أعلم قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في هذه الأحاديث دليل على أن الحفظة يكتبون أعمال القلوب وعقدها خلافا لمن قال إنها لا تكتب الا الأعمال الظاهرة والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ففيه تصريح بالمذهب الصحيح المختار عند العلماء أن التضعيف لا يقف على سبعمائة ضعف وحكى أبو الحسن أقضى القضاة الماوردي عن بعض العلماء أن التضعيف لا يتجاوز سبعمائة ضعف وهو غلط لهذا الحديث والله أعلم وفى أحاديث الباب بيان ما أكرم الله تعالى به هذه الأمة زادها الله شرفا وخففه عنهم مما كان على غيرهم من الإصر وهو الثقل والمشاق وبيان ما كانت الصحابة رضي الله عنهم عليه من المسارعة إلى الانقياد لأحكام الشرع قال أبو إسحاق الزجاج هذا الدعاء الذي في قوله تعالى لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا إلى آخر السورة أخبر الله تعالى به عن النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وجعله في كتابه ليكون دعاء من يأتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم فهو من الدعاء الذين ينبغي أن يحفظ ويدعى به كثيرا قال الزجاج وقوله تعالى على القوم الكافرين أي أظهرنا عليهم في الحجة والحرب واظهار الدين وسيأتي في كتاب الصلاة من هذا الكتاب الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه قيل كفتاه
(١٥٢)