السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ١١٢
دعاه يوما بعد ما ارتفع النهار، قال: فدخلت عليه وهو جالس على سرير رمال أوليس بينه وبين الرمال فراش، على وسادة أدم فقال: يا مالك، إنه قد قدم من قومك أهل أبيات حضروا المدينة، وقد أمرت لهم برضخ فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين، مر بذلك غيري، قال: أقسم أيها المرء.
قال: فبينما نحن على ذلك إذ دخل يرفأ. فقال: هل لك في عثمان، وسعد، وعبد الرحمن، والزبير، يستأذنون عليك؟ قال: نعم، فأذن لهم، قال: ثم لبث قليلا ثم جاء فقال: هل لك في علي، والعباس، يستأذنان عليكم؟ قال: ائذن لهما، فلما دخلا قال عباس: يا أمير المؤمنين اقضي بيني وبين هذا - يعني عليا - وهما يختصمان في الصوافي التي أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير، قال: فاستب علي، والعباس، عند عمر، فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أقضي بينهما وأرح أحدهما من الآخر، فقال عمر: أنشدكم الله الذي تقوم بإذنه السماوات والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا نورث ما تركناه صدقة، يعني نفسه، قالوا: قد قال ذلك، فأقبل على العباس، وعلي فقال: أنشدكما الله هل تعلمان ذلك؟ قال: نعم، قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله تبارك وتعالى خص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، في هذا الفئ بشئ لم يعطه غيره، قال تعالى: (ما أفاه الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شئ قدير) وكانت هذه خاصة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فما اختارها دونكم، ولا أستأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وثبتها فيكم حتى بقي منها هذا المال، وكان ينفق منه على أهله سنتهم، ثم يأخذ ما بقي فيجعله فيما يجعل مال الله عز وجل، فعل ذلك في حياته ثم توفي. فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقبضه الله وقد عمل

(١) الرضخ هنا: المال.
(٢) الصوافي: الأملاك الواسعة.
(٣) سورة الحشر: ٦.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست