وليلتهما، ونسي صاحب موسى أن يخبره، فلما أصبح موسى قال لفتاه: (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفر نا هذا نصبا). قال: ولم ينصب حتى جاوز المكان الذي أمر به. قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، واتخذ سبيله في البحر عجبا: قال موسى: ذلك ما كنا نبغ، فارتدا على آثار هما قصصا.
قال: يقصان آثارهما. قال سفيان: يزعم ناس أن تلك الصخرة عندها عين الحياة، لا يصيب ماءها ميتا إلا عاش. قال: وكان الحوت قد أكل منه، فلما قطر عليه الماء عاش. قال: فقصا آثارهما حتى أتيا الصخرة، فرأى رجلا مسجى عليه بثوب، فسلم عليه موسى، فقال: أنى بأرضك السلام؟ فقال: أنا موسى، فقال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال:
يا موسى إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه. فقال موسى: قل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا؟ قال: إنك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا؟ قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا. قال له الخضر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا.
قال: نعم. فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهما سفينة، فكلماهم أن يحملوهما، فعرفوا الخضر، فحملوهما بغير نول، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت