وجنوده فإن له من كل أمة جنودا وأعوانا ورجلا وفرسانا ولا تكونوا كالمتكبر على ابن أمه من غير ما فضل جعله الله فيه سوى ما ألحقت العظمة بنفسه من عداوة الحسد وقدحت الحمية في قلبه من نار الغضب ونفخ الشيطان في أنفه من ريح الكبر الذي أعقبه الله به الندامة وألزمه آثام القاتلين إلى يوم القيامة.
ألا وقد أمعنتم في البغي وأفسدتم في الأرض مصارحة لله بالمناصبة ومبارزة للمؤمنين بالمحاربة فالله الله في كبر الحمية وفخر الجاهلية، فإنه ملاقح الشنآن ومنافخ الشيطان التي خدع بها الأمم الماضية والقرون الخالية حتى أعنقوا في حنادس جهالته ومهاوي ضلالته ذللا على سياقه سلسا في قياده أمرا تشابهت القلوب فيه وتتابعت القرون عليه وكبرا تضايقت الصدور به.
ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم الذين تكبروا عن حسبهم وترفعوا فوق نسبهم والقوا الهجينة على ربهم وجاحدوا الله على ما صنع بهم مكابرة لقضائه ومغالبة لآلائه، فإنهم قواعد أساس العصبية ودعائم أركان الفتنة وسيوف إعتزاء الجاهلية، فاتقوا الله ولا تكونوا لنعمه عليكم أضدادا ولا لفضله عندكم حسادا ولا تطيعوا الأدعياء الذين شربتم بصفوكم كدرهم وخلطتم بصحتكم مرضهم وأدخلتم في حقكم باطلهم وهم أساس الفسوق وأحلاس العقوق، اتخذهم إبليس مطايا ضلال وجندا بهم يصول على الناس وتراجمة ينطق على ألسنتهم استراقا لعقولكم ودخولا في عيونكم نفثا في أسماعكم فجعلكم مرمى نبله وموطئ قدمه ومأخذ يده... [إلى أن قال]... انظروا إلى ما في هذه الأفعال من قمع نواجم الفخر وقدع طوالع الكبر ولقد نظرت فما وجدت أحدا من العالمين يتعصب لشئ من الأشياء إلا عن علة تحتمل تمويه الجهلاء أو حجة تليط بعقول السفهاء غيركم فإنكم تتعصبون لأمر ما يعرف له سبب ولا علة أما إبليس فتعصب على آدم (عليه السلام) لأصله وطعن عليه في خلقته فقال: أنا ناري وأنت طيني.