الله عز وجل اطلع إلى الأرض إطلاعة فأختار منها أباك فبعث (فبعثه) برسالته، ثم اطلع اطلاعة فأختار منها بعلك وأوحى إلي أن أنكحك إياه، يا فاطمة: ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحد قبلنا، ولا يعطى أحد بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله وأحب المخلوقين إلى الله عز وجل وأنا أبوك، ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله وهو عمك حمزة بن عبد المطلب، وهو عم أبيك وعم بعلك، ومنا من له جناحان أخضران يطير في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما. يا فاطمة: والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، ولا صغير يوقر كبيرا، فيبعث الله عز وجل عند ذلك منهما من يفتتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، ويملا الدنيا عدلا كما ملئت جورا. يا فاطمة: لا تحزني ولا تبكي فإن الله عز وجل أرحم بك، وأرأف عليك مني، وذلك لمكانك مني وموضعك من قلبي، وزوجك الله زوجك وهو أشرف أهل بيتك حسبا، وأكرمهم منصبا، وأرحمهم بالرعية، وأعدلهم بالسوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربي عز وجل أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي ".
قال علي " رضي الله عنه " فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم تبق فاطمة رضي الله عنه بعدها (عنها بعده) إلا خمسة وسبعين، يوما حتى ألحقها الله به صلى الله عليه وسلم " * المفردات: الضيعة: أي الضياع: الهرج والمرج: القتل والفوضى. تظاهرت الفتن: توالت وتعاونت في تأثيرها. تقطعت السبل: بمعنى فقد الامن: حصون الضلالة: مراكزها. قلوبا غلفا: عليها غلاف وغشاء عن سماع الحق واتباعه.
*. *