السادس: إذا احرز ضبط الراوي ووثاقته، اخذ بخبره، ولو لم يكن له موافق فيما يرويه، ولم يعضده ظاهر مقطوع من كتاب أو سنة متواترة ولا عمل بعض الصحابة به ولم يكن منتشرا أو مشهورا بينهم.
وخالف في ذلك أبو علي الجبائي فاعتبر تعدد الرواية، فلا تقبل عنده رواية الواحد إلا إذا اعتضد بظاهر مقطوع، أو عمل بها بعض الصحابة، أو كانت منتشرة بينهم.
واحتجوا عليه بقبول أمير المؤمنين عليه السلام وسائر الصحابة لخبر الواحد المجرد عن الأمور المذكورة، مضافا إلى مفهوم آية النبأ، وإلى بناء العقلاء وغير ذلك.
ثم إنه لا يخفى عليك أن جمعا من الفقهاء - رضي الله عنهم - قد تداولوا رد بعض الأخبار بعدم عمل الأصحاب به. وقد قررنا في محله أن شرطية عمل الأصحاب بالخبر في حجيته مما لا دليل عليه، وإنما الثابت مانعية إعراضهم عن الخبر عن حجيته.
وتظهر الثمرة فيما إذا كان عدم العمل ثابتا، والإعراض مشكوكا، فإنه على الشرطية يسقط عن الحجية، وعلى المانعية يدفع المانع بالأصل. فاحفظ ذلك واغتنم فقد اشتبه في ذلك أقوام. هذا تمام الكلام في الجهة الأولى المتكفلة لشروط الخبر.
وقد بقي هنا أمران ينبغي تذييل هذه الجهة بهما:
الأول: أنه لا يشترط في الخبر غير ما ذكر من الشروط، وقد وقع التنصيص في كلماتهم على عدم اشتراط أمور، للأصل ووجود المقتضي وعدم المانع.
1 - الذكورة فتقبل رواية الأنثى والخنثى إذا جمعت الشروط المذكورة حرة كانت أو مملوكة، كما صرح بذلك كله الفاضلان وغيرهما، بل نفى العلامة في " النهاية " الخلاف فيه، وادعى في " البداية " إطباق السلف والخلف على الرواية عن المرأة. والأصل في ذلك ما مر من الأصل وعدم المانع مضافا إلى أن شهادتها تقبل، فروايتها أولى بالقبول.
2 - الحرية فتقبل رواية المملوك مطلاق ولو كان قنا (1)، إذ جمع سائر الشرائط، كما