دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٢٦١
أن ذلك باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما - إلى آخر الحديث ". ورواه الصدوق أيضا بإسناده عن أبان عنه، عن أمير المؤمنين عليه السلام في خصاله، وذكر الشريف الرضي في النهج.
ومعنى النسخ في اللغة الإزالة، وفي الاصطلاح هو الإعلام بزوال حكم ثابت بدليل شرعي، أو زوال الحكم بدليل شرعي متأخر، على وجه لولاه لكان الحكم الأول ثابتا. وليس هو بمبطل للحكم الأول، بل بيان لانتهاء مدته عند المحققين.
ولا ريب في جواز النسخ ووقوعه في الشرع، لكن يجب أن يعلم أنه قليل جدا، أما في القرآن فلا نعلم منه حكما منسوخا إجماعيا إلا في موارد عدة نذكر بعضها:
1 - اعتداد المتوفى عنها زوجها حيث كان في أول الأمر حولا كاملا كما في كريمة " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج - الآية ". فنسخ بآية " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا - الآية ". البقرة 240 و 233.
2 - إيذاء الزاني والزانية في الآية المباركة: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما - الآية " وهي منسوخة بآية الحد " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة - الآية ". الأولى في النساء 16 والثانية في النور 2.
3 - وجوب الصدقة على من أراد نجوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كريمة " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة - الآية ". ونسخ بقوله تعالى " أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم - الآية ". المجادلة 12 و 13.
4 - وأما نسخ حكم وجوب ثبات عشرين من المجاهدين في قبال مائتين من عساكر الكفار في الجهاد ففيه كلام قال الله تعالى: " يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا - الآية " قيل: نسخ حكم الآية بقوله عز وجل: " الآن خفف الله
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»