دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٢٦٤
الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها، لنا من جميعها المخرج ". والمراد ما يصدر عنهم تقية أو تورية.
وخالفنا في ذلك الزيدية والعامة وعابوا علينا قولنا بالجواز والوجوب، وقالوا:
إن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام عندكم وفي اعتقادكم نصبوا لبيان الأحكام والشرايع، فلو اتقوا من الأعداء، ولم يبينوا الأحكام على الحقيقة فما الفائدة من نصبهم بعد عدم جرأتهم لبيانها، وأيضا لم يبق اعتماد على أقوالهم إذ تحتمل التقية بيان خلاف الواقع، مع أنكم تقولون: الإمام معصوم من الخطأ، ليكون قوله حجة، والتقية يوجب عدم الاعتماد على أقوالهم. وأجيب عن ذلك بأن فرض التقية في مقام تعارض الأخبار فحسب ولذا لا يوجب الخفاء وعدم البيان، وكذا لا ينتفي به الاعتماد على قولهم إذا أشاروا إلى التقية تلويحا وبينوا الحكم في موقف آخر بحيث يزيل الشبهة. والتقية لا تنافي العصمة، فإذا أفتى بالتقية وكان عالما بحكم الله لم يمنعه من بيان الحقيقة في ظرف آخر، وأما بعد عدم العصمة فربما يخطئ في الحكم ولا يدري الحق ولا يلتفت إليه فيمضي على خطائه، وإن استدركه احتمل الخطأ في الثاني دون الأول أوفي كليهما.
كما قاله استاذنا الشعراني قدس سره.
وأما وقوعها: فهو ثابت بإجماع الفرقة والروايات بحيث لا يحتاج إلى البرهان، فإن تقية المعصومين عليهم السلام من جبابرة الزمان وخلفاء الجور والسلطة الحاكمة في أزمانهم مما لا ريب فيه، وهم عليهم السلام قائلون بأن تسعة أعشار الدين في التقية، وأن لادين لمن لا تقية له، وروى الكليني (ره) في باب التقية بإسناده عن أبي عمرو الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا أبا عمرو أرأيتك لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا، ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك، بأيهما تأخذ؟ قلت: بأحدثهما وأدع الآخر، فقال: قد أصبت يا أبا عمرو، أبي الله إلا أن يعبد سرا، أما والله لئن فعلتم ذلك أنه خير لي ولكم، أبي الله عز وجل لنا ولكم في دينه إلا التقية ". وقوله " إلا أن يعبد سرا " أي في دولة الباطل.
وأما عرفان موارد الحمل عليها فسهل إذ جلها أو كلها في مقام التعارض،
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»