منها وتصفيتها انكمش كل فريق على مؤلفاته وآثاره، واتهم الاخر بالتعصب والانحراف عن الحق، وقال السنة: ان الشيعة لا يقبلون الا المرويات عن أئمتهم على شرط ان يكون الراوي لها اماميا، ويرفضون جميع المرويات ولو كانت عن الرسول (ص) إذا رواها غيرهم صحابيا كان أم غيره ولو كان في أعلى درجات الايمان والاستقامة، وقد نبهت على خطا هؤلاء الغلاة في كتابي المبادئ العامة للفقه الجعفري بما حاصله انه إذا كان بين الشيعة من لا يعتمد على مرويات الموثوقين من السنة عن الرسول (ص) فهو لا يمثل الشيعة، ولا يعبر عن رأيهم في هذه المسألة، لان كتب الحديث والرجال التي تعد بالعشرات تنص على قبول مرويات الثقاة من السنة وغيرهم، ولدينا من الأرقام ما يؤكد هذه الحقيقة كما سنتعرض لذلك في الفصول الآتية من هذا الكتاب.
والى جانب هذه النسبة إلى الشيعة، نجد الشيعة أنفسهم ينسبون إلى السنة بأنهم لا يعتمدون على مرويات الشيعة ويطرحون الحديث إذا كان رواته كلهم أو بعضهم من الشيعة استنادا إلى كثير من المصادر السنية التي تؤكد هذه الحقيقة، تلك المصادر التي ينص بعضها على وجوب طرح الحديث لمجرد انه يتفق مع بعض معتقداتهم، أو لان فيه رائحة التشيع هذا بالإضافة إلى ما ينسبه كل فريق إلى الاخر من خلال بعض المرويات المدونة في مجاميع الحديث عند الطرفين بدون تدبر في مضامينها وتحقيق في أسانيدها وقبل ردها إلى الأصول المقررة عند الفريقين، ونتيجة لهذا الاسراف والغلو في الاتهامات ولما تولد عن ذلك من المضاعفات اتسعت المسافة بينهما واتخذت شكلا كريها بعيدا عن منطق الدين والحق، ونبذ كل منهما ما عند الآخر من ثروة فكرية يمكن الاستفادة منها إلى أبعد الحدود.
وكان بالامكان لو كانت النفوس طيبة، وتجرد الباحثون إلى طلب