في مختلف المواضيع وإذا لاحظنا ما أنتجته مدرسة الامامين الباقر والصادق (ع) في هذه الفترة من القرن الثاني تقريبا من المدونات التي بلغت ستة آلاف كما أحصاها أكثر المؤلفين في هذا الموضوع من الشيعة وأشرنا إلى مصادرها في كتابنا (المبادئ العامة في الفقه الجعفري) إذا لاحظنا ذلك تدرك أهمية هذا الدور من ناحية اتساع حركة التأليف وتدوين الآثار الاسلامية وغيرها من آثار الفرس واليونان في مختلف المواضيع، وقد أحصى المؤلفون في أحوال الرجال والتراجم عددا كبيرا لجماعة من أصحاب الأئمة كصفوان بن يحيى، وشعيب بن أعين الحداد، وهشام بن الحكم، وإسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) وعبد الله بن المغيرة البجلي الكوفي، وعبد الله بن سنان مولى بني هاشم، ومحمد بن عمير ويونس ابن عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، والفضل بن شاذان النيسابوري إلى غير ذلك ممن تتراوح مؤلفاتهم بين العشرين والثلاثين كتابا.
وجاء عن محمد بن مسعود العياشي انه أنفق على تدوين العلم ثلاثمائة ألف دينار، وان داره كانت تعج بالناس وهم بين ناسخ وقارئ ومقارن ولو كتب البقاء لمؤلفات الشيعة في القرنين الثاني والثالث، لكانت دور الكتب اغنى ما تكون بالآثار الشيعية، ولكن الظروف التي أحاطت بهم، والحروب الدامية التي كانت قي الغالب تستهدف دمائهم وآثارهم كل ذلك قد ساهم في تبديد تلك الثورة الغنية بالكنوز والنفائس، وليس أدل على ذلك من اقدام الحكام والغزاة وبخاصة الأيوبيين منهم على حرق المكتبات الشيعية مباشرة. كمكتبة الطوسي، والوزير (نصر سابور بن أردشير) وزير بهاء الدولة، ومكتبة الأزهر التي أسسها الفاطميون في مصر وحشدوا فيها مئات الألوف من المجلدات في مختلف مواضيع وبقيت أكثر من قرنين من الزمن منهلا كريما لرواد العلم من