كما اعتذر بعض المحدثين عنه بالنسبة لروايته عن حمران بن أعين، وروى عن بعض المتهمين بالتشيع، وعلى قلة تلك المرويات فقد ضعفها جماعة من محدثي السنة لمجرد هذه التهمة، كما روى عن عدد كبير من الخوارج، والنواصب. والقدرية والمرجئة وغيرهم ممن وصفهم علماء السنة ومحدثوهم بالمبتدعة ولكن بدعتهم لا تمنع من صدقهم على حد تعبيرهم.
وقد فرق العسقلاني في مقدمة فتح الباري بين التشيع والرفض، والغلو في الرفض بما حاصله ان التشيع هو محبة علي (ع) وتفضيله على الصحابة فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو رافضي غال في التشيع، ومن لم يقدمه عليهما فهو شيعي، فإذا ذكر الشيعي سبب التقدم على الشيخين، أو صرح ببغضهما فهو غال في الرفض، ومن كان يعتقد بالرجعة فأشد غلوا (1).
وبنتيجة هذه الفروق التي ذكرها ابن حجر لمراتب التشيع، يتبين ان الذين روى عنهم من الشيعة ممن يقدمون عليا (ع) على الخليفتين أبى بكر وعمر لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، كما تؤيد ذلك الاحصاءات التي أجراها النقاد لأحاديث البخاري، وجميع المتهمين بالتشيع بين رجاله كما يظهر من كتب أهل السنة المؤلفة في التراجم وأحوال الرواة لا يتجاوزون خمسة عشر تقريبا، ويتسع التشيع عندهم لكل من يحب عليا أو ينتقد أخصامه. فإذا وجدوا شخصا معتدلا في تقديره للحوادث ومنصفا في عرضها، أو وجدوه ينتقد سيرة بعض الخلفاء والحكام الأمويين، اتهموه بالتشيع، ووقفوا موقف المتحفظ من مروياته، وقد يتهم الراوي بالتشيع لمجرد أنه يروي فضيلة لعلي أو حديثا حسنا فيه. ويؤيد ذلك ما جاء في المجلد الثالث من الميزان للذهبي في أثناء حديثه عن محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 210، فقد قال في وصفه: