الناس. وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار يعمل فيه بالهوى، ويطلب به الدنيا (ر 53).
(596) في اختلاف القضاة في إصدار الأحكام، وأن اختلافهم هذا دليل على ضعفهم بأصول الاستنباط، وقلة اطلاعهم في القانون الإسلامي:
ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم، فيصوب آراءهم جميعا - وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد أفأمرهم الله - سبحانه - بالاختلاف فأطاعوه أم نهاهم عنه فعصوه أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا، وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه دينا تاما فقصر الرسول (ص) عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه يقول:
«ما فرطنا في الكتاب من شيء» وفيه تبيان لكل شيء. وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا. وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه:
«ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا». وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به (ك 18).
(القرآن) وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى (خ 198).
إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان... ورجل قمش جهلا، موضع في جهال الأمة، عاد في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سماه أشباه الناس عالما وليس به، بكر فاستكثر من جمع، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من ماء آجن، وأكثر من غير طائل، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت: لا يدري أصاب أم أخطأ، فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب. جاهل خباط جهالات، عاش ركاب عشوات، ولم يعض على العلم بضرس قاطع. يذروا الروايات ذرو الريح الهشيم، لا ملي - والله - بإصدار ما ورد