المعجم الموضوعي لنهج البلاغة - أويس كريم محمد - الصفحة ٣٩٩
عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك، ونحن نسألك أمرا إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه، علمنا أنك نبي ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب، فقال (ص):
«وما تسألون» قالوا: تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك، فقال (ص):
«إن الله على كل شيء قدير، فإن فعل الله لكم ذلك، أتؤمنون وتشهدون بالحق» قالوا: نعم، قال:
«فإني سأريكم ما تطلبون، وإني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير، وان فيكم من يطرح في القليب، ومن يحزب الأحزاب». ثم قال (ص):
«يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر، وتعلمين أني رسول الله، فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله» فو الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها، وجاءت ولها دوي شديد، وقصف كقصف أجنحة الطير، حتى وقفت بين يدي رسول الله (ص) مرفرفة، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله (ص)، وببعض أغصانها على منكبي، وكنت عن يمينه (ص)، فلما نظر القوم (من قريش) إلى ذلك قالوا - علوا واستكبارا -: فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها، فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب اقبال وأشده دويا، فكادت تلتف برسول الله (ص)، فقالوا - كفرا وعتوا -: فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان، فأمره (ص) فرجع، فقلت أنا: لا إله إلا الله، إني أول مؤمن بك يا رسول الله، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا بنبوتك، وإجلالا لكلمتك، فقال القوم كلهم (من قريش): بل ساحر كذاب، عجيب السحر خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا، يعنونني وإني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم، سيماهم سيما الصديقين، وكلامهم كلام الأبرار، عمار الليل ومنار النهار، متمسكون بحبل القرآن، يحيون سنن الله وسنن رسوله، لا يستكبرون ولا يعلون، ولا يغلون ولا يفسدون، قلوبهم في الجنان، وأجسادهم في العمل (خ 192).
إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به، ثم تلا:
«إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، وهذا النبي والذين آمنوا» الآية، ثم قال: إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته (ح 96).
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»