المباهلة - السيد عبد الله السبيتي - الصفحة ٤٠
في نفوس البعض الاخر مجلوة بترفها المغدق، ونعيمها الباذخ، رهيبة اللمعان، رنانة الجرس، هفت إليها النفوس الضعيفة واستوعبت مشاعرا وقلوبا ما أضاءها النور المنبثق من رسالة السماء، والضوء المنير من مصباح محمد صلى الله عليه وآله وسلم..
كان الترف الناعم، والنعيم الباذخ، والعيش اللين الذي يتمتع به وفد نجران حديث جماعة من أهل المدينة في سمرهم ومجالسهم.
وأين المحتاج الذي يستطيع ان يرد طرفه عن حياة ناعمة، ونعيم ترف ودنيا مزهوة؟
وأي المحرومين لا يفكر في هذا النضار الوهاج المدلى في صدورهم؟
وقد صنعوا منه مقابض سيوفهم ووشوا به حبرهم، وسرج خيولهم، ثم لا تنكمش نفسه ولا يستهويه الذهب اللماع ولم تكن نفوسهم قد اكتملت بمناهج الدعوة الاسلامية ولم تتصل بأرواحهم لينظروا إلى زخرف الحياة نظر ازدراء وليجعلوا متعها تحت مواطئ الاقدام، فان الاسلام هدى إلى الصراط القويم، والهدى رحمة من الله تجلو النفس، وصفاء يمحو الظلمة، وسعادة تصوغ النفس من جوهر تتضاءل امامه المادة فلا يبقى لها اي ثمن.
ليلة مظلمة. لا يكاد ملتمس يحس فيها بطريقة لولا قبس ترسله النجوم المتلألئة في صفحة السماء تفتح يدها مرة وتقبضها أخرى.. تقدمت جيوش الظلام تسدل الستائر - وقد القى النهار سلاحه - على يثرب مدينة الرسول
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»