حدث شديد الإثارة في مثل الموقف الذي نبحثه، ولهذا فقد كان لا بد أن ينقله رواة آخرون. إن عدم نقله عن رواة آخرين مباشرين يبعثنا على الشك في صدق الرواية.
وثانيا: إن هذا العدد (اثنان وثلاثون) عدد كبير جدا بالنسبة إلى أصحاب الحسين (ع) القليلين، ولذا فقد كان يجب أن يظهر لهم أثر في حجم القوة الصغيرة التي كانت مع الحسين في صبيحة اليوم العاشر من المحرم، على اعتبار أنهم انحازوا إلى معسكر الحسين في مساء اليوم التاسع، مع أننا لا نجد لهم أي أثر في التقديرات التي نقلها الرواة.
لهذا وذاك نميل إلى استبعاد هذه الرواية من دائرة بحثنا في عدد أصحاب الحسين (ع)، ونرجح أن الرواية - على تقدير صدقها - لا تعني، كما يراد لها، أن هؤلاء الرجال قد انحازوا إلى معسكر الحسين وقاتلوا معه، وإنما تعني أن هؤلاء الرجال - نتيجة لصراع داخلي عنيف بين نداء الضمير الذي يدعوهم إلى الانحياز نحو الحسين والقتال معه، وبين واقعهم النفسي المتخاذل الذي يدفع بهم إلى التمسك بالحياة الآمنة في ظل السلطة القائمة - قد (حيدوا) أنفسهم بالنسبة إلى المعركة، فاعتزلوا معسكر السلطة، ولم ينضووا إلى الثوار.
ويبدو أنه قد حدثت حالات كثيرة من هذا القبيل، منها حالة مسروق ابن وائل الحضرمي الذي كان يطمح إلى أن يصيب رأس الحسين (فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد)، ولكنه تخلى عن القتال وترك الجيش عندما رأى ماحل بابن حوزة عندما دعا عليه الحسين (ع)، وقال