كما تقول الرواية، يحملنا على هذا التقدير إمكانية أن الرواية تعكس الموقف قبل تعبئة الحسين أصحابه وآله ميمنة وميسرة وقلبا، وإن بعض الرجال كان لا يزال بعيدا عن بصر الراوي، وأن الرواية يظن استنادا إلى رؤيته البصرية ولا يستند إلى الاحصاء، كما نؤكد أن ثمة من شبان الهاشميين من استشهد فيما بعد، ولم يكن، في الوقت الذي تحكي عنه الرواية، ظاهرا في الموقف عند الصباح، بسبب صغر سنه.
ورواية أبي مخنف والروايات المواقفة لها تعكس الموقف بصراحة بعد التعبئة، وهي، في تقديرنا، تعبر عن عدد أصحاب الحسين من المحاربين العرب غير الهاشميين، فهي لا تشمل الهاشميين ولا الموالي، ولا الخدم.
وثمة نص للمسعودي يحملنا على هذا الرأي بالنسبة إلى رواية أبي مخنف. فهو يقول: (.. وقتل معه (مع الحسين) من الأنصار أربعة وباقي من قتل معه من أصحابه - على ما قدمنا من العدة - من سائر العرب) (1)، وكان قد قال قبل ذلك عن عدة من قتل مع الحسين:
(وكان جميع من قتل مع الحسين في يوم عاشوراء بكربلاء سبعة وثمانين منهم ابنه علي بن الحسين الأكبر) (2). وإذن فلا بد أن يكون هذا العدد غير شامل للموالي، فهو يقول عن غير الأنصار إنهم من سائر العرب ونحن نعلم أنه قد استشهد من الموالي مع الحسين عدد كبير لم يدخلهم في عداد القتلى لاعتبارات تتصل بالعقلية العنصرية التي كانت سائدة بدرجات