الجيش الأموي يتراوح بين عشرين وثلاثين ألفا، وذلك من أجل أن تضع الثائرين في حصار محكم، يحول دون إفلات أي واحد منهم، ويحول دون وصول أي أحد إليهم، ويضمن القضاء عليهم في وقت قصير جدا لئلا يتأثر الجيش الأموي نفسه إذا طال الوقت.
ثم بتنفيذ إجراءات إنتقامية فيها إهانة للشهداء ونسائهم، مثل رض الأجساد بحوافر الخيل، والتمثيل بها، وحمل النساء سبايا يستعرضهن الناس في الأمصار.
وهدف النظام الأموي من هذا كله تبديد الهالة القدسية التي تحيط بالحسين وأهل البيت، وإفهام الثائرين الذين لم يتح لهم أن يشاركوا في ثورة كربلاء أن إجراءات السلطة في حماية نفسها لا تتوقف عند حد، ولا تحترم أية قداسة وأي مقدس وأي عرف ديني أو اجتماعي.
ويأتي قطع الرؤوس، وحملها من بلد إلى بلد، والطواف بها في المدن - وخاصة الكوفة - جزء من هذه الخطة العامة، ولتبديد إمكانات الثورة وتحطيم المناعة النفسية لدى المعارضة، وإفهامها بأن الثورة قد انتهت بالقضاء عليها، ولقطع الطريق على الشائعات بالأدلة المادية الملموسة وهي رؤوس الثائرين وفي مقدمتها رأس الحسين.
وإذن فقد كان ثمة هدف سياسي لقطع الرؤوس بالإضافة إلى كونه عملا انتقاميا، وهذا يفسر لنا لماذا لم تقطع جميع الرؤوس في الكوفة وكربلاء. ففي الكوفة قطع ابن زياد رأس مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة فقط من بين من قتلهم في الكوفة من الثوار، وفي كربلاء كانت الرؤوس التي قطعت وأرسلت إلى الكوفة والشام على النصف تقريبا من عدد الشهداء.