إفحام الأعداء والخصوم - السيد ناصر حسين الهندي - الصفحة ١٣٧
قلت: وابن سعد كان كثير الحديث ولا يحتج به وسيضعف، سأل مرة سمعت هذه الأحاديث من أبيك فقال: نعم. وسأل مرة فقال: إنما وجدها في كتبه، انتهى، وإذا كان هذا زعم ابن سعد عليه ما يستحقه من الملام، في حق هذا الإمام الهادي للأنام صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام، فكيف جاز له أن يروي عنه (ع) هذا الخبر الباطل مستندا إلى أبيه (ع).
ومما يورث العجب العجاب، إن متن هذا الخبر قد اشتمل على إن عليا (ع) قال لعمر حين خطب إليه ابنته: إنما حبست بناتي على بني جعفر، وهذا عذر واضح شرعي فكيف لم يقبله عمر، وظاهر كل الظهور إن بني جعفر (ع) كانوا أكفاء لبنات علي (ع) وعمر لم يكن كفوا لواحدة من الهاشميات فضل إن يكون كفوا لبنات علي (ع) فكيف أقدم على خطبة واحدة منهن مع ظهور هذا المانع القوي وكيف لم يقبل ما أعتذر به علي (ع) بقوله: إنما حبست بناتي على بني جعفر مع إن هذا عذر شرعي واجب القبول، وقد وجب على عمر قبوله بها شيده بقوله: لأمنعن تزوج ذوات الأحساب من النساء إلا من الأكفاء، كما سبق بيانه فيما تقدم من الدلائل على فساد دعوى هذا العقد.
أما قول عمر: أنكحنيها يا علي فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحابتها ما أرصد، فلو سلم صدور هذا القول من عمر فهو من تقولاته الكاذبة، لأن من ضيع حرمة سيدة نساء العالمين فاطمة (ع) وبضعة الرسول (ص) وأغضبها وآذاها بأقواله الفضيعة، وأفعاله الشنيعة، كيف يصدق في قوله هذا، ولو كان مقرونا بألف قسم، وهل يصدق أحد هذا المدعي الكاذب المضيع لحرمة الزهراء البتول، إنه يرصد من حسن صحابتها ابنتها أم كلثوم (ع) ما لا يرصده على ظهر الأرض، ما هذا إلا وقاحة ظاهرة لا تخفى على أهل البصائر، المميزين بين صلاح السرائر، وفساد الضمائر.
ومن العجائب التي اشتمل عليه هذا الخبر المختلف أنه يلقي في قلب الناظر إن حديث الخطبة، والاعتذار، والإصرار والتزويج قد وقع في زمان واحد،
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»