المهاجرين بين القبر والمنبر، وكانوا يجلسون ثم علي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف، فإذا كان الشئ يأتي من الآفاق جاءهم فأخبرهم ذلك واستشارهم فيه، فجاء عمر فقال: رفئوني، فرفئوه وقالوا: بمن يا أمير المؤمنين قال: بابنة علي بن أبي طالب، ثم أنشأ يخبرهم فقال: إن النبي (ص) قال: كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسسببي وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضا.
أخبرنا وكيع بن الجراح، عن هشام بن سعد عن عطاء الخراساني: إن عمر أمهر أم كلثوم بنت علي أربعين ألفا، قال محمد بن عمر وغيره: لما خطب عمر بن الخطاب إلى علي ابنته أم كلثوم قال: يا أمير المؤمنين إنها صبية فقال: أنك والله ما بك ذلك ولكن قد علمنا ما بك، فأمر علي بها فصنعت ثم أمر ببرد فطواه وقال:
انطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين فقولي: أرسلني أبي يقرئك السلام ويقول إن رضيت البرد فأمسكه، وإن سخطته فرده، فلما أتت عمر قال بارك الله فيك وفي أبيك وقد رضينا، قال: فرجعت إلى أبيها فقالت: ما نشر البرد ولا نظر إلا إلي، فزوجها إياه فولدت له غلاما يقال له زيد (1) انتهى.
وكل ما ذكره ابن سعد في هذه العبارة باطل فاسد كما لا يخفى على أهل البصائر، أما قوله: تزوجها عمر إلى قوله ولم تلد لأحد منهم شيئا فهو مما لم يذكر له سند ولو واهيا فكيف يلتفت إليه أهل التحقيق، ومع ذلك فيدل على بطلان تزوج عمر لها ما سبق من الدلائل الساطعة والبراهين القاطعة، وإذا ظهر بطلان التزوج بان لك أن ولادة زيد ورقية منها أبين فسادا وأوضح بطلانها.
ثم ما ذكره ابن سعد من تزوج عون بن جعفر ومحمد بن جعفر لها بعد عمر أظهر ما يكون من الأكاذيب والأباطيل لأن عونا ومحمد قد قتلا في حرب تستر،