إفحام الأعداء والخصوم - السيد ناصر حسين الهندي - الصفحة ١٣٩
فإن قلت: لعل وجه هذا التعجيل في العقد ووقوعه في الخلوة من غير حضور الأشهاد أن عمر خاف بعد خطبته وإجباره وإلجائه عليا (ع) على قوله أن بتغيير رأيه بعد هذا الوقت فلا يزوج ابنته لابن الخطاب، فلهذا سارع في وقوع العقد كيف ما كان.
قلت: هب إن الأمر كان كذلك ولكن لم ترك تجديد العقد يوم الجمعة بحضور من الناس، وهب أنه كره تجديد العقد بمحضر المسلمين يوم الجمعة، لكنه لم ترك أخبار الناس الحاضرين يوم الجمعة بوقوع هذا العقد.
ولم ترك الترفيه عنهم وخفى بذلك نفرا من المهاجرين الذين كانوا يجلسون بين القبر والمنبر على وجه بديع يؤذن بوقوع هذا العقد على وجه السر والكتمان وجهلهم عن وقوعه على سبيل الشهرة والإعلان، ولقد اشتمل هذا الخبر المكذوب على أمر عجيب وهو قول عمر لأصحاب رسول الله (ص) رفئوني وأنهم رفئوه، فإن هذا كان من رسوم الجاهلية، وقد نهى عنه رسول الله (ص) فكيف اجترى هذا الرجل على طلب الترفيه عنها، وكيف أقدم أصحاب الرسول على هذه الخطبة الشنيعة.
قال محمد بن أحمد بن حنبل الشيباني في المسند: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عباس، عن سالم بن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا فقلنا بالرفاء والبنين فقال: مه لا تقولوا ذلك فإن النبي (ص) قد نهانا عن ذلك وقال: قولوا، بارك الله فيك، وبارك لك فيها (1).
وقال أيضا: حدثنا إسماعيل وهو ابن عليه أنبأنا يونس عن الحسن أن عقيل بن أبي طالب (رض) تزوج امرأة من بني جشم فدخل عليه القوم فقالوا:
بالرفاء والبنين فقال: لا تفعلوا ذلك، قالوا: فما نقول؟ يا أبا زبيدة وقال: قولوا

(1) مسند أحمد: 201
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»